الماء الماء، الماء يمور ويدور وأدور به وفيه، لا شيء ثابت، القبضة تستميت على اللاشيء، الرمادي يزرق، والزرقة تغمق، ومن الأفق يطل الرهيب الأسود.
الفقاقيع حولي تتكاثر، غربان المأساة، ضباع الجثث الغرقى، جسدي تفتحت بواباته، الماء يدخل، الحياة تخرج، الطعم يتقارب، اللون يتماثل، المعالم أفقدها، أتكور، قطرة ماء كبيرة أصبح، ماء ملون بالحياة، معلق في كون مائي، أرضي ماء، سمائي ماء، هوائي ماء، ماء ألمس، ماء أرى، ماء أسمع، حواسي كلها ماء، عيوني بالذات ماء، أستنجد بالإرادة، إرادتي ماء، أستغيث بالوعي، الوعي ماء، لا مستيقظ أنا ولا أنا نائم وأحلم، الزمن ماء كله أصبح.
ذبالة وعي أخير قبل الظلام التام، هذه آخر مرة إذن أعي فيها بالموت القادم. •••
حين كنت أغادر المياه بأسرع ما أستطيع والبحر ينحسر تماما حتى يسلمني إلى الرمال، لم أنتبه إلا وقدماي بعد أول خطوة تتوقفان أمام الإحساس المروع الجديد، إنهما ثابتتان فوق أرض ثابتة، الإحساس الحبيب بالثبات، إنها الأرض من جديد، إنها الثبات الأم.
لا أذكر شيئا.
وكأن أول ما فعله العقل حين عاد أن محا الحادث تماما من الذاكرة.
ولكن رغم الضباب فهناك ثبات آخر أكاد أذكره.
إنه يبرق في الذاكرة الواهنة الملغاة. •••
ثبات بالقطع أحسته الأصابع، أصابعي، وهي تنقبض في تشنج قاتل أخير حول أصبعين طويلين نحيلين مترددين، أصبعي سيدة.
ثبات من نوع آخر، قبله أو بعده أو على أثره أو لم تحدث إطلاقا أصداء صرخة، صرخة أعرفها تماما، صرختي أنا وإن لم تصدر عني أبدا، بالتأكيد لم أصرخ، أم أكون رغم أعتى الإرادات صرخت؟ •••
Página desconocida