Beirut y Líbano desde hace un siglo y medio
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Géneros
قال دوسون: «إن فكرة القدر ترتكز عند المسلمين على ثلاث دعائم: (1) أن الاصطفاء لا يتناول إلا الحالة الروحية. (2) أنه لا ينطبق على جميع الجنس البشري، بل على فئة خاصة من القانتين المصطفين - حتى من قبل ولادتهم - ليكونوا في طبقة المختارين أو المرذولين. (3) أنه لا علاقة له بالطبقة الأخلاقية والمدنية والسياسية؛ فالرجل - وفقا لمبادئ هذه الديانة - لا يحرم في أي تصرف من تصرفاته من إرادته المطلقة.»
7
ليس مسلمو سوريا ملحدين كالأتراك؛ فهؤلاء لم تتوافر لهم أساليب التنوير نفسها؛ لأن جميع المؤلفات الدينية مكتوبة بالعربية. ومن الجائز أن يكون الأتراك مفتقرين إلى قوة الإرادة أيضا؛ فعدم مبالاة الأتراك باعتقاد عرفوه مستحيلا، واعتناقهم مذهبا لم تتضخم فيه الاعتقادات الباطلة جعلهم يمشون أولى خطواتهم نحو الحضارة. لم يبالوا بتحريم الخمرة فشربوها وأكثروا من شربها، وها هم يفرقون بين الشرب على الطريقة التركية والطريقة الفرنسية المعتدلة.
حكي عن شخصين كانا يتحدثان في مقهى عن تفوق الأوروبيين على الشرقيين، ولما كانا يحاولان اكتشاف ذلك، قال أحدهما للآخر: أوتعلم كيف يتلقن الفرنسيون العلم؟ بأن يشربوا كثيرا.
فأجاب الثاني: ها، ها! إذن ما علينا إلا أن نقتفي آثارهم. اشرب. ثكلتك أمك! لنكن علماء.
وحاول شريف نيل قسط وافر من الثقافة، فشرب حتى سكر، ولما رآه أحد أصدقائه على تلك الحال قال له: إنه لمن قلة الأدب والحشمة أن تظهر بهذا المظهر بين الناس. - إني أسير على الطريقة الإفرنسية! نعم، الطريقة الإفرنسية! وليس لأحد أن يقول لي شيئا.
إن أوهاما كثيرة عند العرب قد خلقتها عقلية الشيوخ المحشوة بالمغالطات؛ ومن هذه الأوهام الزعم بتأدية الحساب في الآخرة. وقد فتشت عن أساس لها في الدين فلم أجد. قال لي مسلم غني إنه يرجو خيرا كثيرا في العالم الآخر؛ لأنه لاقى كثيرا من الأذى في هذا العالم؛ ولذلك يترجى أن يعتاض عنها بملذات سماوية في العالم الثاني.
وبناء على هذا المعتقد، لا يتردد المسلمون في خدع إدارات الحكومة التي يعتبرون أنها أسست بصورة غير شرعية، كما أنهم يرون دواوين الجمارك - على الأخص - مؤسسة بربرية. فكأنهم يتفقون في هذا مع بعض مؤلفي علم الأخلاق والاقتصاد في أوروبا المتنورة، الذين لا يشجبون أعمال التهريب وحسب، بل يرون في المهربين أشخاصا يعملون للعمران العام،
8
ولا يرون معاقبتهم عدلا لأنهم يعملون عملا بريئا بحد ذاته.
Página desconocida