Beirut y Líbano desde hace un siglo y medio
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Géneros
ومع ذلك فقد لاحظت مثل هذه النوافذ عند الأتراك، ثم إني وجدت - طبقا للقاعدة التي تكلمت عنها في سياق مشاهداتي - أن كل شيء هنا يناقض كل التناقض الأشياء التي تصنع في أوروبا؛ وجدت أن صفائحها كانت مقلوبة رأسا على عقب، فأعلاها في الخارج وأسفلها في الداخل، بنوع أنها تفسح في المجال لدخول حرارة الشمس والهواء، وتمنع الناظر من أن يرى شيئا في الشارع أو أن يرى. إن ذلك هو بالحقيقة شبه حاجز وليس «أباجور».
لا يجهل معظم قرائي أن حسن تنسيق المنازل ومحلات اللهو مجهول تماما في تركيا؛ نظرا للإدارة الحكيمة التي اهتمت بتشييدها ...
إنه يستحيل على أي كان أن يتصور الفوضى التي تسود الشوارع والمساكن في بيروت. وفي هذا يقول السيد بوجولا: «إنني لم أر غرابة وشذوذا أكثر مما رأيت في مدينة بيروت العربية؛ إن منازلها المبنية بالحجارة عالية أكثر منها في أي مدينة من مدن سوريا؛ فقبابها وسراديبها السرية وممراتها المظلمة وشوارعها الضيقة الملتوية تبعث - لأول وهلة - نوعا من الهلع في نفس السائح الذي يريد أن يطوف في أنحائها. إن كل بيت يؤلف مخبأ لا يقتحم، والحي الإسلامي بنوع خاص يبدو كأنه مأهول بطبقة من المساجين. إني لم أجد صعوبة تضاهي الصعوبة التي أشعر بها حين دخولي بيتا من بيوت بيروت. إن الظلم الذي لا يضل طريقه ليزعج أحيانا عند القيام بزياراته الرعائية لهذه البيوت ... ويمكن القول إن كل واحد منها يصلح أن يكون مركز دفاع.»
1
إن مدينة بيروت هي مضنية حقا، بالنظر إلى بيوتها التي تفصل بينها ممرات معوجة، وتربطها قناطر قامت عليها غرف تضعف من نورها الذي لم يكن قويا بسبب تلاز شوارعها الضيقة.
فاضطرار المرء إلى أن يسمر نظراته برجليه - وهذه إحدى محاسن المتاعس - يحول دون رؤية بنايات بيروت الكريهة. ولما كان المسافرون يشعرون ببعض الغبطة عندما ينجون من خطر ما، فإنهم يهنئ بعضهم بعضا في نهاية كل مرحلة في هذه المآزق الحرجة.
إن استهتار الأتراك بكل ما يمت إلى السلامة العامة بصلة هو شيء لا يغتفر لهم، ولا سيما إذا ما نظرنا إلى الوسائل المتوفرة لديهم للاهتمام بها دون أن يكلفهم ذلك أقل نفقة؛ لقد كان بوسعهم أن يسخروا أناسا لسد ثغرة في حائط، إلا أنهم لا يفعلون ذلك إلا بعد وقوع عدة حوادث مفجعة وإزهاق عدة أنفس.
والذين لا يعرفون بيروت قبل حكم محمود بك يظنون أني أتعمد هذه المبالغات. ودفعا لهذا الظن أقول: ما علينا إلا أن نبتعد قليلا عن الشارعين اللذين يتفرعان عن البحر، حتى نلاحظ أنه يجب على المارة أن يدرسوا طبيعة البلاط درسا مدققا ليسلموا من الانزلاقات العديدة التي قد تنتج عنها وتكسر عظامهم.
وصف سائحون كثيرون الحوانيت التركية، أما أنا فحسبي القول إنها تشبه تماما شوارع البلاد وبيوتها ومنازلها وحوانيتها.
إننا نعلم أن أصحاب الدكاكين يقعدون القرفصاء؛ فالدكاكين لا تعلو عن الأرض إلا بمقدار متر واحد، أما داخلها فمجهز برفوف تبسط عليها البضائع، وأوسع حركة يستطيع أن يأتيها صاحب الدكان هي أن يميل يمينا أو شمالا، أو يقف على رجليه عندما يريد الوصول إلى الرفوف العليا، أما المشترون فيقفون أمام الواجهة التي توازي الدكان عرضا وارتفاعا.
Página desconocida