تدخلت أنطوانيت في الحديث قائلة: إذا تغيرت صيغة العريضة فسأسحب توقيعي من عليها.
ضحك جاك وقال: ليس من الضروري تغييرها. يمكن إعداد صيغة مختلفة للنص الفرنسي.
تابعت النقاش وأنا أنصت للموسيقى. كانت قريبة الشبه بمعزوفات آلة القانون العربية. لكن بناءها كان مركبا، يتصاعد بين الحين والآخر حتى ليوشك أن يبلغ الذروة، وعندئذ يتراجع إلى نقطة البداية، ليبدأ محاولة جديدة لبلوغ القمة.
دعتنا زوجة جاك إلى مائدة صفت فوقها مجموعة كاملة من الصحاف والأواني الخزفية ذات الحواف المذهبة. وبدأنا بالحساء ثم تتابعت بقية الأصناف وفقا للترتيب الكلاسيكي. وانتهينا بالقهوة والكونياك في الغرفة الأولى.
قال جاك وهو يلتقط لفافة صغيرة في حجم علبة الثقاب، من صندوق للسيجار، ويضعها على الطاولة: هل تعرفون أن الذكرى الثالثة لزيارة السادات للقدس تحل غدا؟
تناول مروان اللفافة وفض غلافها الشفاف ثم قربها من أنفه وقال: هذا نوع جيد.
عقب جاك: جاءني أمس من بعلبك.
التقط من صندوق السيجار مسمارا خشبيا قدمه إلى المخرج السينمائي. وبحركة مدربة أولجه الأخير في طرف سيجارة، وجعل يحركه إلى الداخل والخارج، ثم اقتطع من لفافة الحشيش حمصة، دعكها جيدا بين أصابعه، وفتلها بين راحتيه، ثم دفعها داخل السيجارة في الفراغ الذي صنعه المسمار. وقدم السيجارة إلى زوجة جاك وأشعلها لها.
أخذت الفرنسية نفسا عميقا من السيجارة، جعل طرفها يتوهج مسافة تربو على السنتيمتر، ثم أعطتها أنطوانيت وقالت: كنت في القاهرة هذا الربيع عندما وصلها السفير الإسرائيلي. كان مشهد سيارته وهي تجتاز وسط المدينة رافعة العلم الإسرائيلي مشهدا مذهلا بحق.
سألها مروان بالفرنسية: وماذا كان موقف الناس؟
Página desconocida