ضحكت وقالت: سأحاول. على أي حال اليوم عطلة عند الجميع.
وصفت لها موقع المنزل وأعدت السماعة إلى مكانها. أشعلت سيجارة وبحثت عن زجاجة من الكونياك الفرنسي كان وديع قد ابتاعها منذ يومين، فأفرغت منها كأسا تشممتها في استمتاع. وأخذت رشفة احتفظت بها في فمي لحظة قبل أن أبتلعها.
مضيت إلى الحمام فتأملت وجهي في المرآة وتحسست ذقني. حلقت، لكن الصورة التي طالعتني لم تتحسن كثيرا. أخذت حماما سريعا أحسست بعده بالانتعاش. كانت السماء ملبدة بالغيوم، وثمة لسعة برد في الجو، فارتديت بزتي الكاملة، وجلست أحتسي كأسي في الصالة.
فرغ كأسي فملأت واحدة جديدة. وما إن أتيت عليها حتى جاءني من الشارع صوت «زمور» سيارة، كما يسميه اللبنانيون. وتكرر الصوت فأسرعت إلى الشرفة. رأيت رأسها بارزا من نافذة السائق في سيارة بيضاء من مقعدين. لوحت لها بيدي وأسرعت إلى الداخل بعد أن أغلقت باب الشرفة. وتناولت رشفة من زجاجة الكونياك مباشرة، ثم هبطت إلى الطريق.
فتحت لي باب السيارة، فلفحني عطرها وأحاط بي وأنا أستقر إلى جوارها. كانت ترتدي بنطلونا أبيض وبلوزة حريرية من نفس اللون، وتضع على كتفيها صديرية وردية اللون من الصوف. وكان شعرها مضموما في خصلة واحدة استقرت على صدرها. وأحاطت بعنقها قلادة عريضة من اللؤلؤ.
اتجهت السيارة إلى الروشة. وأتاني الهواء باردا من النافذة، فممدت يدي بحثا عن المقبض الذي يرفع زجاجها، لكنها استوقفتني قائلة: لا تتعب نفسك.
ومدت إصبعا ذا طرف قرمزي، فضغطت زرا أمامها. وبدأ الزجاج «الفيميه» يرتفع من تلقاء نفسه.
ضغطت زرا آخر، فانسابت موسيقى فيلم «الأب الروحي». واسترخيت في مقعدي أتأمل الشوارع الخالية والمتاجر المغلقة والهدوء السائد.
قالت: لو بقيت معنا حتى الكريسماس ستستمتع بالثلج.
قلت: لا أحبه كثيرا.
Página desconocida