Entre la religión y la filosofía: En opinión de Averroes y los filósofos de la Edad Media
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Géneros
لقد عرض عليه تلميذه التوحيدي بعض رسائل إخوان الصفاء، الذين يزعمون أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال، فقال بعد أن اختبرها: «ظنوا ما لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع، ظنوا أنه يمكنهم أن يدسوا الفلسفة في الشريعة، وأن يضموا الشريعة في الفلسفة، وهذا مرام دونه حدد؛ أي دفع ومنع.
قيل له: ولم؟ قال: إن الشريعة مأخوذة عن الله عز وجل بواسطة السفير بينه وبين الخلق من طريق الوحي، وفي أثنائها ما لا سبيل إلى البحث عنه والغوص فيه، ولا بد من التسليم للداعي إليه والمنبه عليه، وهنا يسقط «لم» ويبطل «كيف» ويزول «هلا»، ويذهب «لو وليت» في الريح.»
48
ثم يذكر بعد ذلك أنه لو كان الجمع بين هذين الطرفين جائزا وممكنا، لكان الله قد نبه عليه، وكان صاحب الشريعة يكمل شريعته بالفلسفة، لكنه لم يفعل ذلك ولا وكله إلى غيره من خلفائه والقائمين بدينه، بل إنه على العكس نهى عن الخوض في هذه الأشياء.
49
ولهذا يرى أبو سليمان أنه «لمصلحة عامة نهي عن المراء والجدل في الدين على عادة المتكلمين الذين يزعمون أنهم ينصرون الدين، وهم في غاية العداوة للإسلام والمسلمين، وأبعد الناس عن الطمأنينة واليقين.»
50
على أنه لا ينبغي أن يفهم مما تقدم آنفا أن الشريعة في رأيه ناقصة، وأنها في حاجة لأن تكمل بالفلسفة، إنه إن أخذنا كلامه حرفيا لا خبئ له، يريد أن يقول إن كلا من الشريعة والفلسفة تخالف الأخرى في طبيعتها وغايتها، في طبيعتها كما وضح مما سبق، وفي غايتها لأن غاية الديانة إكمال النفس بالفضيلة، وغاية الحكمة أو الفلسفة تكوين العقل بالحقائق والمعرفة، أو أن الفلسفة، كما يقول، صورة النفس، والديانة سيرة النفس، فكل منها يكمل الأخرى، وإذن فلا تناقض بينهما.
51
فكل ما يجب إذن هو عدم خلطهما، وحينئذ تتم السعادة لأصحاب هذه وأصحاب تلك.
Página desconocida