Entre la religión y la filosofía: En opinión de Averroes y los filósofos de la Edad Media
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Géneros
أولئك الذين حبطت أعمالهم ، و
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون .
والله تعالى يطهر من دنس الملحدين أصقاعكم، ويكتب في صحائف الأبرار تضافركم على الحق واجتماعكم، إنه منعم كريم.
وبعد أن روى الأنصاري اتهام ابن رشد بالمروق من الدين والحكم بنفيه، والمنشور الذي صدر على أثر هذا على ذلك النحو، نقل عن أحد رجال القضاء الذين اتصلوا بابن رشد بقرطبة أنه رغم رعاية فيلسوفنا لشعائر الدين كما ينبغي قد زل زلة هي أعظم الزلات.
وذلك أنه شاع أن ريحا عاتية تهب في يوم كذا تهلك الناس، واستفاض ذلك حتى اشتد جزع الناس واتخذوا الغيران والأنفاق تحت الأرض توقيا منها، فاستدعى والي قرطبة طلبتها وقاضيها - وهو ابن رشد - وفاوضهم فيها، وكان معهم ابن بندود.
فلما انفض الجمع تكلم هذان في شأن هذه الريح، فقال أبو محمد عبد الكبير، وكان حاضرا في أثناء المفاوضة: إن صح أمر هذه الريح فهي ثانية الريح التي أهلك الله تعالى بها قوم عاد؛ إذ لم تعلم ريح بعدها يعم إهلاكها، فانبرى له ابن رشد ولم يتمالك أن قال: والله وجود قوم عاد ما كان حقا، فكيف سبب هلاكهم! فسقط في أيدي الحاضرين، وأكبروا هذه الزلة التي لا تصدر إلا عن صريح الكفر والتكذيب لما جاءت به آيات القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. •••
تلك هي الأسباب التي ذكرها المؤرخون المسلمون لنكبة ابن رشد، فهل كانت وحدها الأسباب الحقيقة؟ أو هناك سبب آخر أهم منها جميعا؟ ذلك ما بحثه المستشرقون الذين عنوا بتأريخ التفكير الإسلامي ورجاله في المشرق والمغرب.
ها هو ذا «مونك» يرى مع ذلك أن تعصب الموحدين يكفي وحده لتفسير تصرف المنصور ضد ابن رشد، ويستشهد لهذا أن ابن أبي أصيبعة ذكر في حياة ابن زهر أن المنصور أمره بعقاب الذين يدرسون الفلسفة الإغريقية، وبمصادرة كتب الفلسفة والمنطق وإحراقها، سواء ما يوجد منها في المكتبات العامة أو الخاصة المملوكة للأفراد.
17
وكذلك يذهب «رينان» إلى هذا الرأي؛ إذ يرى أن التعصب ضد الفلسفة ورجالها وطلابها كان السبب الحقيقي للمحنة التي عاناها ابن رشد، وذلك إذ يقول: «ومهما يكن ما يقصه علينا هؤلاء المؤرخون، فإنه مما لا يشك فيه أن الفلسفة كانت السبب الحقيقي لنكبة ابن رشد، فقد خلقت له أعداء أقوياء أمكنهم أن يجعلوه مشتبها في دينه لدى المنصور، وكذلك كان الأمر بالنسبة لأمثاله الذين يثير ما لهم من جاه ونفوذ أعداءهم وخصومهم، فيكونون غرضا للاتهام.»
Página desconocida