Entre la religión y la filosofía: En opinión de Averroes y los filósofos de la Edad Media

Muhammad Yusuf Musa d. 1383 AH
176

Entre la religión y la filosofía: En opinión de Averroes y los filósofos de la Edad Media

بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط

Géneros

90

وغير ذلك من الآيات الواردة في هذا المعنى.

91

وهكذا ينتهي فيلسوف الأندلس من مسألة العلم الإلهي ببيان أن الفلاسفة يرون خلافا لما ذكر الغزالي، أن الله عالم بكل شيء، ولكن على نحو خاص يغاير علم الإنسان، أي: على نحو أشرف ما دام أن علمه تعالى هو سبب وجود الأشياء، لا أنه معلول عنها كما هو الحال في علم الإنسان القاصر المحدود. (3-4) مشكلة السببية

بينا في القسم الأول من هذا الفصل رأي الغزالي في هذه المشكلة، هذا الرأي الذي يمكن أن يلخص في إنكار أن يكون هناك علاقة ضرورية بين ما يعتقد في العادة سببا، وبين ما يعتقد في العادة مسببا عنه، والآن نشير إلى أن اهتمام حجة الإسلام بهذه المسألة يرجع إلى أنه يترتب على القول بالسببية إنكار المعجزات التي لا بد منها لإثبات النبوات، هذه المعجزات التي تقوم على إلغاء ما يقال من الرابطة الضرورية بين المسبب والسبب، مثل «قلب العصا ثعبانا وإحياء الموتى وشق القمر.»

92

وقد رأى ابن رشد من الضروري أن يؤكد قبل الدخول في صميم الموضوع أمرين: أن الفلاسفة القدماء لم يتكلموا في المعجزات لاعتبارهم إياها من أصول الشرائع التي لا يجب بحثها ويعاقب من يشكك فيها، وأن المعجزة ليست أمرا يمتنع عقلا أن يكون، بل هو ممكن في نفسه لأن له سببه، ولكنه يمتنع على الإنسان العادي ويمكن الأنبياء، كما هو الأمر في القرآن معجزة رسولنا عليه الصلاة والسلام.

93

على أنا لا ندري كيف جاز لفيلسوفنا أن يذكر أن «الفلاسفة القدماء»، ويريد بهم كما نعرف فلاسفة اليونان، لم يتعرضوا للمعجزات؛ للسبب الذي تقدم به! إنه لم يكن عندهم نبوات إلهية، ولا شرائع سماوية تحتاج للمعجزات في إثباتها، فكيف رأوا مع هذا ألا يتكلموا في المعجزات والمسألة لم توضع بالنسبة إليهم! ثم من الممكن أن نقول معه إن بعض المعجزات كالقرآن أمر ممكن في نفسه ممتنع على غير النبي، ولكن البعض الآخر كإحياء الموتى وانقلاب العصا حية، لا يصح أن يقال فيه في رأينا إنه ممكن في نفسه!

هذا؛ وصاحب «تهافت التهافت» يبني رده على الغزالي في هذه المشكلة، على أن الأشياء تختلف فيما بينها بما لكل شيء من ذات خاصة وطبيعة خاصة، بها يصدر عنه فعله الخاص، بمعنى أن الماء مثلا مادة سائلة بها يكون الري والرطوبة، على حين أن النار جسم شفاف به يكون الإحراق والضوء، وذلك أمر بدهي كما يقول، وإلا فلو لم يكن لكل موجود فعل يخصه لم يكن له طبيعة تخصه، ولو لم يكن له طبيعة تخصه لما كان له اسم يخصه ولا حد، ولكانت الأشياء كلها شيئا واحدا.

Página desconocida