Entre la religión y la filosofía: En opinión de Averroes y los filósofos de la Edad Media
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Géneros
وفي هذا الاتجاه لإهمال التأويل المجازي، على أنه وسيلة لاستخراج ما في الكتاب المقدس من فلسفة، نجد تلميذ ألبرت الكبير الأشهر نعني به القديس توماس الأكويني أو غزالي المسيحية إن قبل منا هذا التعبير، يصدر هذا اللاهوتي الأشهر في تفسير الكتاب المقدس عن أن كل ما عدا المعنى الحرفي لا يعتمد عليه، وأنه لا شيء من تلك المعاني الأخرى إلا وهو موجود بوضوح في المعنى الحرفي الذي ينبغي الاعتماد دائما عليه.
43
ولنا أن نقرر أن الأكويني في تقديره للمعنى الحرفي وجعل المعاني الأخرى تقوم عليه، يستلهم القديس أوغسطين كما يذكر هو نفسه، كما يستلهم «هيج» وسان فيكتور.
وما ينبغي لنا أن نفهم من هذا أن الأكويني يرفض دائما التفسير المجازي المأثور وبخاصة أنه يعنى كثيرا بما أثر من التفسير عن أسلافه، فإن من الحق أنه إن كان يستبعد التآويل المجازية؛ لأنها لا تتفق وسياق النص ومحتواه ، فإنه يقبلها غالبا وكثيرا، على أنه يميزها دائما بعناية عن التأويل الحرفي.
والآن لننتهي من التأويل لدى رجال الكنيسة المسيحية، نذكر أن الحال في القرن الرابع عشر كان كما هو الحال في الثالث عشر من الاتجاه للتأويل الحرفي وتقديره، كما نلاحظ أخيرا أن تأويل الكتاب المقدس ليتفق والفلسفة الإغريقية كان له رجاله مثل كليمانت الإسكندري وأوريجين وأبيلارد، على اعتبار أنه يحوي كل الحقائق الفلسفية الصحيحة، وأن التأويل أو التفسير أخذ بعد هذا اتجاها آخر هو وجوب اتفاق نتائجه والعقيدة، وهذا الاتجاه كان له ممثلوه كما عرفنا آنفا.
ومعنى هذا الاتجاه أن تفسير الكتاب المقدس صارت الغاية منه فهم الكتاب نفسه، وحسب ما توحي به النصوص من معان، لا ليتفق مع هذه الفكرة أو تلك من الفلسفة اليونانية، كما أصبحت الغاية منه أيضا التدليل على الآراء والعقائد اللاهوتية. •••
وهكذا رأينا كيف كان موقف رجال الدين الموسوي، ثم رجال الدين المسيحي من التأويل ومدى عنايتهم به، وعلينا بعد ذلك أن ننتقل أخيرا لبحث مسألة التأويل لدى مفكري الإسلام أيضا. (5) التأويل لدى المسلمين
وأخيرا قد ثارت المسألة نفسها في الإسلام، واتخذت الوضع نفسه، وربما كان ذلك للعوامل نفسها التي من أجلها ثارت في اليهودية والمسيحية، مع زيادة عامل آخر، ونعني بهذا محاولة كل أصحاب مذهب من المذاهب الإسلامية، وبخاصة في علم الكلام وفي التصوف، إيجاد سند لآرائهم من كتاب الدين الأول نفسه، وطريق ذلك تأويل نصوص القرآن العظيم التي يرون ضرورة تأويلها حسب القواعد التي ذهبوا إليها.
وقبل الكلام عن التأويل لدى مفكري الإسلام، نشير أولا إلى أن تفسير القرآن - وكم بين التفسير الذي يراد منه فهم القرآن ، وبين التأويل الذي يراد منه الاستدلال لرأي أو مذهب معين من فرق! - كان ينظر إليه في فجر الإسلام والصدر الأول منه بعين الحذر الشديد؛ إذ كان رجال السلف الصالح يتهيبون القرآن.
روى ابن سعد في طبقاته أن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبد الله بن عمر كانا يمتنعان من تفسير القرآن؛ إذ يريانه أمرا خطيرا،
Página desconocida