Entre la religión y la ciencia: Historia del conflicto entre ellas en la Edad Media en relación con las ciencias de la astronomía, geografía y evolución
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Géneros
أحد تلاميذ «كوبرنيكوس» يشرح هذه النظرية للبابا «كليمان السابع»، ولكنها ظلت حتى ذلك العهد عبارة عما لا يخرج عن حيز الظن والتخمين، وسرعان ما نسيت هذه النظرية وأسدلت عليها أستار كثيفة من نزعات ذلك العصر، غير أن «كوبرنيكوس» لم ينسها، وظل يدرسها درسا عميقا، فكان كلما استعمق في درسها أخذت أنوار الحقيقة تشع في عقله شيئا فشيئا، حتى تصور أن حمل هذه الحقيقة الكبرى في طيات عقله وبين نياط قلبه، لا يتفق مع ما يطلب من الأمن والسلام في جو «روما» المفعم بالتعصب، المملوء باستبداد التقاليد، ولقد أيقن بأن إعلان هذه الحقيقة على أنها نظرية تخمينية أو على أنها زعم يناقض ظاهرة الحقائق الواقعة، قد يمكن أن يكون شيئا يلهو به رجال البلاط البابوي. أما إعلانه إياها على أنها حقيقة بل على أنها الحقيقة، فأمر يخالف الأول مخالفة تامة؛ لهذا تراه يعود أدراجه إلى قريته الصغيرة من أطراف «بولاندا» تارة أخرى.
وكان على يقين من أن نشر فكرته هذه كما تكونت في عقله إذ ذاك أمر لا يخلو من خطر ماحق، حتى في قريته المنعزلة عن عمران العالم الأووبي؛ لذلك ظلت هذه الفكرة ثلاثين سنة أخرى جاثمة في خلايا عقله الكبير وفي عقول أولاء من أصحابه الأخصاء الذين أفضى إليهم سرا بما كان يوحي إليه به ذهنه من آيات الحق الثابت.
وكانت النتيجة أنه أتم كتابه الكبير «حركات الأجرام السماوية»
Revolutiono of the Hevenly Bodis
وأهداه إلى البابا نفسه. وفكر من بعد ذلك في مكان يستطيع أن ينشر فيه كتابه، فلم يجرؤ أن يرسله إلى روما وهنالك تجثم عصابة من رءوس الكنيسة القديمة مرتقبون لمصادرته. ولم يستطع أن يرسل به إلى «ويتنبرج»
Wittenburg
وهنالك رءوس البروتستانت. وما كانوا في ذلك الزمان بأقل عداء لحقائق العلم من زعماء الكثلكة؛ لهذا عهد بالكتاب إلى رجل يدعى «أوسياندر»
Osiander
في نورمبرج.
غير أن شجاعة «أوسياندر» خانته، ولم يستطع أن ينشر الفكرة الجديدة بما يحتاج إليه ذلك العمل من إقدام وبسالة. فكتب مقدمة دنيئة حاول أن يعتذر فيها عن «كوبرنيكوس» تلقاء فكرته هذه، بل اختلق عليه من الفكرات ما خيل إليه أن يكون عذرا مقبولا، فقال بأن «كوبرنيكوس» لم يحاول نشر هذا المذهب على أنه الحقيقة؛ بل على أنه مجرد نظرية تخيلية لا غير، معلنا أنه مما لا يخرج عن طوق القانون أن يهيم فلكي مع موحيات خياله وتصوره، وأن مثل «كوبرنيكوس» في كتابه لا يخرج عن هذا.
Página desconocida