Entre la religión y la ciencia: Historia del conflicto entre ellas en la Edad Media en relación con las ciencias de la astronomía, geografía y evolución
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Géneros
وأعلن «أن احمرار الماء غير راجع إلى سبب طبيعي» وأن «الله عندما يسمح بحدوث مثل هذه المعجزة يحاول الشيطان متخذا من أعوانه البعيدين عن الله المعتمدين على أنفسهم، المكتفين بقواهم العقلية، وسائل تظهر معها المعجزة كأنها لا شيء» ولقد اضطر «لينيوس» أمام هذه الجملة الشنيعة إلى النكوص والتقهقر. فذكر لأحد الذين كاتبوه «أنه من الصعب أن يصارح بشيء إزاء هذا الأمر» مستخفيا وراء القول «بأنها لمعجزة أن تنشأ ملايين عديدة من الجيوينات فجأة وفي أقصر زمان» وأن هذه المعجزة إنما «تظهرنا بلا أقل شك، على القدرة العاقلة البالغة التي يختص بها الله الذي لا يحد بزمان ولا مكان.»
وكان الطبيعي الكبير قد طعن في السن وأنهكته الجهود التي بذلها في سبيل العلم، فلم يقو على أن يقاوم تيار اللاهوت الذي انساب في عصره، فاستنام مطيعا لقوته. وبينما كان التغير الظاهر الذي استولى على كل ما كان يراه من فكرة أورثوذكسية في أول حياته، وقد تسلل في هوادة وسكون إلى الصيغة الأخيرة من كتابه العظيم كما رأينا، فإنه لم يبذل جهدا محاولا أن يطبع العالم بطابع فكرته التي استخلصها من جهاده العلمي الطويل. وظل متظاهرا بأنه من أنصار الفكرة القائلة بأن كل الأنواع الحية قد خلقها الله القادر على كل شيء في البدء، وأنه منذ «البدء» لم تظهر أنواع جديدة على إطلاق من القول.
غير أن نفوذه العلمي العظيم لم يقف الاستكشاف العلمي. فقد ازداد عدد الأنواع المستكشفة يوما بعد يوم. وكذلك أخذت الحقائق المستكشفة في علم الاستيطان التوزيع الجغرافي
Geographical Distribution
تصبح شيئا بعد شيء غير مفهومة بل بعيدة عن بديهة العقل لدى تطبيقها على النظرية القديمة، كما أن العقول قد اتجهت وهنا على وهن نحو الاعتقاد بأن الكون والعضويات الحية قد وجدت خضوعا لنظام بعيد عن فكرة الخلق المستقل - في البدء - حتى لقد أصبح سؤال العلم الأوحد: «بأية وسيلة وجدت الأشياء؟»
ولم يكن في القرن الخامس عشر كله من رجل اشتغل بالتاريخ الطبيعي، بحيث كان من المنتظر أن تنتج جهوده نتاجا يمكن به الإجابة على هذا السؤال سوى «بافون»
Baffon
الفرنساوي، فقد خص بقدر كبير من موهبة القدرة على البحث وعمق التفكير، وكانت كفايته على استظهار نتائج أبحاثه واستعماقه الذهني، من أكبر الدلائل على عبقريته. ولقد استضاء فكره بنظرية التطور بتغاير الأنواع، وكان المنتظر أن يخطو بها خطوات ذات بال. غير أنه لم يصل إلى هذا الحد حتى أدركه نفوذ اللاهوت، فشعر بقوته الثقيلة تنوء على كاهله.
ولقد رحبت الكنيسة بأبحاثه طالما كانت مقتصرة على وصف الأحياء، ولكنه لم يكد يدلف من الوصف إلى استنتاج حقائق ذات قيمة فلسفية، حتى انفجرت عليه بطاريات السوربون اللاهوتية، معلنة له أن «الكنوز المقدسة التي عهد بها إلى الكنيسة» تنص «على أنه في البدء خلق الله السماوات والأرض»، وأن كل «الأشياء قد خلقت من بدء صنع الدنيا»، ومن أجل تلك الاستعراضات العلمية البدائية التي تعد اليوم من الحقائق المتداولة، قد اضطر «بافون» - خضوعا لسلطان الكنيسة - أن يعتذر عنها علنا وأن ينشر اعتذاره مطبوعا على الناس. ولقد قال في اعتذاره : «أعلن إقلاعي عن كل ما جاء في كتابي خاصا بتكوين الأرض، وجملة عن كل ما جاء به مخالفا لقصة موسى.»
غير أن كل هذه الانتصارات التي حازتها الأساطير الكلدانية البابلية، والتي ورثتها الكنيسة النصرانية باللقاح، لم تغن إلا قليلا.
Página desconocida