قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في معاني قول أصحابنا: إن من لزمه حجة الفريضة وحجة نذر أنه يبدأ بالفريضة قبل النذر، وإن بدأ بالنذر انعقد له وأجزأ ذلك. وعندي إنه يختلف معاني قولهم إذا حج الفريضة هل يجزيه عن حجة النذور، وقد كان في نذره من قبل أن يحج. فقال من قال: يجزيه للفريضة والنذر لأنه قد وفى بنذره، وكذلك من نذر ان يصوم شهر رمضان. /54/ ففي بعض قولهم: إنه لا يجزيه للنذر وإنما يجزيه للفرض، ولا أعلم أنه إن أرد النذر أن يجزيه للفريضة في الحج ويجزيه للنذر وعليه الفريضة، وإن أراد بالحجة للنذور والفريضة جميعا فعندي إنه على قول من يقول: إن الفريضة تجزيه لهما جميعا يقع لي أداء الفريضة والنذر جميعا. وعلى قول من يقول: لا تجزيه الفريضة للنذر فإذا أشركهما لم يجزه عندي للفريضة، ويشبه عندي أنه لا يجزيه للنذر. ويعجبني أن لا يجزيه للنذر ولا يبطل حجه. [بيان، 25/54] من كتاب الإشراف قال أبو بكر: كان الشافعي يقول: إذا نذر الصمت في اعتكافه تكلم ولا كفارة. وقال أصحاب الرأي: ليس في الاعتكاف صمت. وقال أبو ثور: إذا كان ذلك أسلم له فعل.
وقال أبو بكر: لا يلزمه الصمت لأنه لا يخلو ما يتكلم به الإنسان إما أن يكون حقا أو باطلا، والقول بالحق أفضل من السكوت، والقول السيء منهي عنه المعتكف وغيره. وقد روينا عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر رجلا نذر أن يقوم في الشمس ولا يتكلم ولا يستظل ويصوم أن يجلس ويستظل ويتكلم ويتم صومه.
قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في قول أصحابنا فيمن نذر أن لا يتكلم يوما أنه يتكلم وليس عليه غير ذلك. ويختلف في كفارة نذره. ففي بعض القول: إن عليه كفارة نذره. وأرجو أنه في بعض القول: لا كفارة عليه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا وصال صوم ولا صمت يوم"، فكان صمت يوم يخرج بمعنى المعصية لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - . ويختلف أصحابنا فيمن نذر في معصية، /130/ ومعي إنه في أكثر القول إنه لا كفارة على من نذر في معصية ولا وفاء، ويعجبني ذلك [بيان، 25/130].
مسائل الاعتكاف من كتاب الإشراف
ذكر الإنسان يباشر امرأته وهو معتكف
قال الله جل ذكره: { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } (الآية). أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الإنسان فرضا لله إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرا فيجب عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، وإن نذر أن يعصي الله فلا يعصه". وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله.
Página 165