قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في قول أصحابنا إنه إنما في السنة عمرة واحدة وحجة واحدة، ولم أعلم في قولهم تصريحا بغير هذا، /76/ ولا أجد مانعا يمنع العمرة ولا إبطالها في كل وقت من السنة، وليس لها وقت محدود، إلا أنه لا يدخل على الحج مادام أيام الحج، فمعنى الحج العمرة ممنوع، فإذا انقضت أيام الحج فلا أجد مانعا يمنع العمرة، لأنها فضل، ولأنه ليس لها حد محدود في وقت معروف، إلا أنه إن كانت واجبة فالواجب منها مرة، مثل الحج، وسائر ذلك فضيلة.
/77/ ذكر الوقت الذي يقطع فيه المعتمر التلبية
من كتاب الأشراف
قال أبو بكر: واختلفوا في الوقت الذي يقطع فيه المعتمر التلبية، فقالت طائفة: إذا افتتح الطواف، هذا قول ابن عباس وعطاء وميمون وطاووس والنخعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال ابن عمر وعروة وابن الزبير: يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم. وبه قال الحسن البصري. وقال ابن المسيب: يلي المعتمر حتى يرى عروش مكة. وروي عن ابن عمر. وكان مالك يقول: إذا اعتمر من المواقيت قطع التلبية، إذا انتهى إلى الحرم.
قال أبو بكر: وقد روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبي في العمرة /78/ حتى يستلم الحجر، وفي الحج حتى يرى الجمرة، وبه نقول.
قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في قول أصحابنا نحو ما حكي، ولعل أكثر قولهم إن المعتمر يقطع التلبية إذا رأى البيت، ولا أعلم وجوب ذلك بمعنى قطع التلبية، إلا الدخول في الطواف، فإنه يدخل فيه معنى الإحلال، وهو أن يستلم الحجر كما حكي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا هو معنى ما يخرج عندي من قطع التلبية؛ لأن التلبية بمعنى الإحرام، والطواف بالبيت الدخول في معنى الإحلال. وقد يرى البيت ويمكنه ألا يطوف ويقعد أياما ويسعه ذلك. فيكون قد ترك التلبية ولكن أحسن ذلك عندي أن يلبي حتى يدخل في الطواف لثبوت التلبية في الإحرام، ولزومها إذا دخل في معنى الإحلال.
Página 139