الأمر الثاني: أنهم زعموا أن ذلك المرجح لا بد أن يكون موجبا، واستدلوا على ذلك بأنه إذا تراخى وقوعه على وقوع المرجح كان وقوع الفعل عند وقوعه لا لمرجح؛ لأنه لا وقت أولى من وقت، ووقوع أحد المستويين لا لمرجح محال، فظهر لك أن دليلهم على خلق الأفعال مبني على استحالة الفعل من دون مرجح، وإذا كانت هذه القاعدة قد انهدمت بما قدمنا من الأدلة واعترافهم عند الرد على الفلاسفة بطل الدليل من أصله، وفي بطلانه بطلان المدلول، وقد قال ابن الحاجب بعد أن ذكر ما حكاه عن المهدي عليه السلام من تضعيفه لما نجده من الفرق بين الحركة الضرورية والاختيارية أنه يلزم علية فعل الباري أنه لا يوصف بحسن ولا بقبح شرعا، والتحقيق أنه ترجيح بالاختيار، فاعترف كما ترى بضعفه من وجوه:
الأول: أنا نفرق ضرورة بين الأفعال الضرورية والاختيارية كالسقوط والصعود وحركتي الاختيار والرعشة، فيكون استدلالا في مقابلة الضرورة فيكون باطلا.
الثاني: في فعل الباري تعالى فيلزم أن لا يكون مختارا وأنه كفر.
الثالث: يلزم أن لا يوصف الفعل بحسن ولا قبح شرعا إذ لا تكليف لغير المختار عندهم وإن جوزوه.
الرابع: وهو التحقيق والبواقي إلزامية أنا نختار أنه يحتاج إلى مرجح وهو الاختيار، وسواء قلنا أي تكليف يجب به الفعل أولا يجب، يكون اختياريا إذ لا معنى للاختياري إلا ما يترجح بالاختيار، هذا معنى عبارة العضد شارح المختصر بألفاظه.
Página 64