والجواب والله الموفق: أن رجل رجالكم وعضب نزالكم الفخر الرازي قد قال ما هذا لفظه: إنا لا ننازع أن الناس يستحسنون أمورا ويستقبحون أمورا أخرى قبل ورود الشرع حتى قال: إنا إذا رجعنا إلى أنفسنا وجدناها جازمة بحسن الصدق والعدل والإنصاف، وقبح الكذب والجهل والظلم، قال: لكن ذلك كالاستحسان والاستقباح مغايران للاستحسان والاستقباح اللذين وقع فيهما النزاع. هذه ألفاظه بأعيانها.
فنقول: قد شهد عليكم إمامكم الأعظم أنكم تعلمون ضرورة الظلم والكذب والجهل، وتعلمون ضرورة قبل ورود الشرع حسن الصدق والعدل والإنصاف، وأن عقولكم حاكمة بذلك من غير تشرع بشرع، وإنما نازعتم في ماهية هذا القبيح والحسن اللذين حكمت بهما العقول قبل ورود الشرع فعلمتم القبح إما بنفرة الطبع أو صفة نقص، وقلنا: هو كون ليس لنا أن نفعله وأبطلنا ما زعمتم وتكلمنا عليه بما لا تستطيعون مدافعته فلا يفتقر إلى إعادته.
Página 24