Batl Fatif Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Géneros
فرد حافظ باشا على هذا الكتاب بعبارات منمقة، ولكنه حاذر أن يبدي رأيا صريحا.
أما محمد علي، فإنه كتب إلى ولده إبراهيم في 9 يونيو يأمره بأن يسارع إلى طرد الجنود التركية من الأراضي السورية، وألا يتردد في منازلة جيشهم الكبير، حتى إذا ما انتصر عليه يواصل الزحف إلى ملطية وخربوط وأورفا وديار بكر. وبعد وصول هذا الكتاب إلى إبراهيم أصدر أمره إلى سليمان باشا بأن يسرع للحاق به، وكان سليمان باشا على 24 ميلا من حلب، فجدت قوته بالسير حتى لحقت بإبراهيم باشا على مجرى نهر الساجور.
أما قوتا الجيشين فكانتا متقاربتين؛ لأن جيش حافظ باشا كان مؤلفا من 17 فرقة من المشاة، وجيش إبراهيم باشا من 14 فرقة. وفي جيش حافظ باشا 9 فرق من الفرسان، وفي جيش إبراهيم 8 فرق. وفي مدفعية حافظ باشا 300 رجل، وفي مدفعية إبراهيم باشا أربع فرق. ومدافع حافظ باشا 140، ومدافع إبراهيم 160. وفي جيش حافظ باشا 6000 من المتطوعة، وفي جيش إبراهيم باشا 2000. على أن حافظ باشا صرف شهرا كاملا في حفر الخنادق وإقامة المعاقل والحصون، ومرن جيشه على الدفاع والهجوم في تلك المنطقة، وشتان بين من يقف للدفاع ومن يكلف الهجوم. ولكن جيش إبراهيم باشا كان أتم نظاما وأكثر ممارسة للقتال. وكان إبراهيم باشا ورئيس أركان حربه سليمان باشا على رأي واحد، أما حافظ باشا ورئيس أركان حربه مولتك فقد كانا على رأيين متباينين. وكان ضباط إبراهيم باشا يحترمونه ويهابونه، وجميعهم قد نالوا رتبهم عن جدارة واستحقاق، أما ضباط جيش الترك فإن أكثرهم كان من صنائع الحكام والوزراء في إستامبول.
وإذا كانوا قد قدروا عدد جيش حافظ باشا بضعفي عدد جيش إبراهيم باشا فلأن الترك كانوا ينشرون جيشهم على خط طويل ليهاجم سوريا من كل جهة. أما القوتان اللتان تنازلتا في ميدان نصيبين وحده فهما ما ذكرنا. ومن الحكايات التي تعطي صورة صحيحة عن هذين الجيشين، أن حافظ باشا سأل أسيرا من جيش إبراهيم رأيه في المعسكرين، فقال له الأسير المصري بعد أن أعطاه حافظ باشا الأمان: «إن معسكر إبراهيم باشا معسكر جنود، أما معسكركم فهو كمضارب الحجاج. ففي معسكر إبراهيم لا ترى سوى الجنود بسلاحها وإلى جانب خيولها ومدافعها، أما في معسكركم فقد رأيت اليهود والتجار والعلماء والفقهاء، فرأيت البعض منهمكا بالبيع والشراء والآخر مشتغلا بالتسبيح والدعاء، وهذا الذي يجعل معسكركم أشبه بمضارب الحج.»
وصل خبر احتكاك الترك والمصريين إلى أوروبا بعد اجتياز الترك نهر الفرات إلى الأراضي السورية وبعد احتلالهم عينتاب، وتأهب إبراهيم باشا لصد غارتهم، فأوفدت فرنسا رسولا إلى الباب العالي وآخر إلى محمد علي للوقوف عن القتال، فوصل كايه إلى مصر وقابل محمد علي وأخد منه كتابا إلى إبراهيم ليقف موقف الدفاع. ووصل فولتز إلى إستامبول فلم يعط جواز السفر إلى الأناضول، ولم يشأ سفير إنكلترا أن يؤيد زميله سفير فرنسا في مسعاه لإيقاف القتال، بل أظهر له أنه إذا هو تلقى أمرا من حكومته في ذلك فإنه يخالف ذلك الأمر ويعمل على الضد. ولم يصل كايه بكتاب محمد علي إلى إبراهيم باشا إلا بعد المعركة وانتصار إبراهيم على جيش الترك. وإليك البلاغات الرسمية عن تلك المعركة الأخيرة التي استند فيها الترك على ذراع الإنكليز والنمساويين، الذين حرضوهم ووعدوهم بأنهم لا يخسرون شيئا في حالة الانكسار، ويربحون كل شيء في حالة الانتصار.
خلاصة تقارير إبراهيم باشا إلى والده عن تلك المعركة
التقرير الأول (20 مايو سنة 1839):
كان الجيشان في هذا اليوم في عينتاب على مقربة من بعضهما، وكانت الجنود المخالفة تحتل المدينة بقيادة سليمان باشا والي مرعش، وكانت جواسيس حافظ باشا وأعوانه يحرضون الأهالي على الثورة والعصيان، وجنوده لا تكف عن العدوان، فكان الجيشان في حالة حرب، ولكنا اتبعنا أوامركم وآراء قناصل الدول فلم نقابل القوة بالقوة ضابطين نفوسنا مخالفين ميولنا بالوقوف بلا عمل تلقاء ما يبديه المخالف (العدو) من الاعتداء والغطرسة.
وفي 22 مايو غادرت توزل مع فصيلة من الفرسان وبعض بطاريات خفيفة وأربع أورط مشاة لمداهمة قوة العدو بالقرب من مزار على نهر الفرات، وعند وصولنا حمل الفرسان على العدو وألزموه الفرار، فغنمنا أربعة عشر مدفعا وخزانة المال وفيها خمسون ألف قرش، وأسرنا 750، ثم التقينا فيما بين مزار ونسبي بفرقة من المخالفين، فأكرهناها على التراجع إلى مقر جيش حافظ باشا.
وفي 24 رتبنا جيشنا في صفوف القتال تجاه الجيش العثماني في ضواحي قرية نصيبين بالأراضي التابعة لبلاد الشام وعلى مسافة بضعة فراسخ من الفرات، وكان جيشنا مؤلفا من ثلاثين ألف جندي نظامي، وكان جيش العدو مؤلفا من 90 ألف نظامي وغير نظامي.
Página desconocida