وحدق الريس فينا مرة أخرى وقال: علي الطلاق بالتلاتة إنتم ما انتم فداوية.
وقال حلمي ساخرا مرتبكا: أما حكاية .. أمال رايحين نعمل إيه يا بلدينا؟
فأشار الريس بكفه وقال: ما هو ده اللي محيرني. رايحين تعملوا إيه. رايحين ليه. هو أنا عيل .. دانا أفهمها وهي طايرة. والناس بتبان. الواحد ياما شاف فداوية وضباط وجن أحمر. إنما اللي محيرني انتو رايحين ليه؟
واستمر حلمي ساخرا مرتبكا: طيب رايحين ليه؟
فأجاب الرجل: إنت بتسألني أنا .. اسألوا نفوسكم!
ولم نكن، حتى تلك اللحظة، قد سألنا أنفسنا أبدا أو ناقشناها ولم يكن أحد قد سألنا. كل من علم أننا ذاهبون كان يتمنى لنا حظا سعيدا ولا يستغرب. بل إن كل من قابلناه أو رأيناه كان يتمنى أن يأتي معنا. وكنا نأخذ الأمنية على أنها شيء طبيعي لا غرابة فيه، كمن يقول: نفسي آكل، أو نفسي أشرب.
طوال صمتنا كانت الخالة ساكتة؛ ولكنها لما رأت الصمت طال قالت: يه .. أمال يا خويا رايحين ليه؟
وتكلمنا كلنا في وقت واحد: إنتي صدقتي الريس؟ إحنا فدائيين صحيح. - أهو رايحين كده .. نتفرج. - أصل يا ستي فيه مقاومة شعبية هناك .. و... - لينا قرايب يا خالة بس من بعيد رايحين نطمن عليهم.
ولم يدخل ما قاله كل منا في عقله؛ ولا في عقول الآخرين؛ ولا حتى في عقل الخالة.
ومضت تحقق مع حلمي وتسأل وتدقق عن الأسباب التي تدعونا للذهاب وحلمي يحاور ويداور؛ والريس يبتسم ابتسامة من فقس الفولة ونحن ساكتون.
Página desconocida