فسألاه: ألم نوقعها من قبل؟
فقال لهما: ولا يبعد أن تعودا بعد توقيع هذه إلى توقيعها مرة أخرى. فإنها لتسلية ظريفة أن تحتجن قسطا وافرا من المال وتلهو بإلقائه عنك هكذا بين حين وحين، وقد جاءني بعضهم ذات يوم واقترح علي أن أهبها كلها للفنانين، إلا أن المرء إذا لم يكن قد تعود حيازة المال خليق أن يضيعه. وقد كان شلي يحسن التصرف؛ لأنه تعود حيازة المال، أما والتر سكوت ودستيفسكي فقد بددا ما كسبا وآل بهما الأمر ألا يكتبا إلا وعلى الباب غريم يلحف في المقاضاة. وسأوصي بمالي لهيئات منتظمة لا لآحاد متفرقين. إن أمي قد تنغصت حياتها؛ لأنها كانت تترقب أن يترك لها الميراث، فلما لم يترك لها شقينا بذلك أجمعين. •••
ومن كلامه عن الأحاديث الصحفية: إن أناسا عديدين يتحدثون إلي خمس دقائق ويقصون سائر أيامهم بعدها، وهم يثلبونني وينعون علي. قال: «ولا شيء يثيرني كما يثيرني كما يثيرني الثناء علي لصفات أزدريها، وإن كنت لا أبالي أن يزدريني من شاء لتلك الصفات التي أنفقت السنين بعد السنين في تكوينها واكتسابها. وقد عولت في المستقبل على أن أطلب من كل صحفي أن يطلعني على نص الحديث معي قبل أن آذن له بالمحادثة!»
وكان قد قال قبل ذلك: إن صحفيا جاءني ذات يوم فبلغ من ضعفي أن آذن له بمحادثتي، فإذا هو قد أتم شغلة الحديث وحده ولم يترك لي لحظة أقول فيها كلمة واحدة، فلما انصرف سمحت له بنشر الحديث على شرط، وهو أن يكتفي بما قلت ويحذف كل ما قال! •••
ولقيه أسير ألماني فأعرب له عن إعجابه وتمنيه أن يلقاه من قبل أن ينظر إليه بعيني رأسه، وقال له: إنه ساعة لمحه من بعيد قال لرفاقه: إن جيتي شاعرنا قد قال عن نفسه إنه طفل العالم، ولكن برنارد شو خليق أن يسمى «شيخ العالم».
قال شو: إن إنجليزيتك جيدة؛ لأنك - كسائر أبناء القارة - قد اطلعت على الجميل من آدابنا، والإنجليزي إذا تكلم عن الأدب الألماني أحضر في خاطره جيتي وهيني، ولكنه إذا تكلم عن الأدب الإنجليزي فالذي يعنيه هو تلك الشرطيات والمقاتل التي يتسلى بها حين يذهب إلى فراشه. •••
وزار يوما جيرانه فقدموا له كوبا من عصير التفاح، فاعتذر قائلا إنه لا يأكل ولا يشرب شيئا بين وجبة الغداء (الساعة الأولى والدقيقة الخامسة عشرة) ووجبة العشاء (منتصف الثامنة). ثم أضاف قائلا: وعدا هذا أرى أن الأكل يقتضب حفاوة اللقاء؛ فإن الإنسان لا يتكلم وهو يأكل!
ثم استعاد ذكرى رحلته الإيطالية واندفع يغني، ورأسه إلى الوراء ويده تضبط النغمة، وعند الساعة السادسة إلا عشر دقائق تماما امتدت يده إلى ساعته الذهبية الكبيرة، فأخرجها ونظر فيها، وهم واقفا وهو يقول: لا مؤاخذة، لا بد أن أعود الساعة إلى امرأتي، فمن عادتنا أن نسمع معا أخبار الساعة السادسة. •••
وتحدث قس القرية التي يعيش فيها إلى بعض جيرانه فقال له الجار: إنك لم تنجح قط في إقناعه بزيارة الكنيسة على ما أرى.
قال القس: إنه حضر مدرسة الأحد ذات مرة، ولست أنسى أسلوبه في خطابه لأطفال القرية المساكين، مستغرقا في «الاقتصاديات» والحيويات وما يسميه بقوة الحياة! وكان الأطفال يصغون إصغاءهم الذي لا يحسنه غيرهم.
Página desconocida