نحن غصنان ضمنا عاطف الوج
د جميعا في الحب ضم النطاق
في جبين الزمان منك ومني
غرة كوكبية الائتلاق
كلما كرت الليالي علينا
شق منا الوفاء جيب الشقاق
ولما عاد إلى منزله وجد ابنه يلعب في بيت المائدة، فنظر إلى وجهه الأبيض الغض من تحت شعره الأشقر الجعدي، فطابت بذلك نفسه، وانشرح له صدره، فعلم أن الحب الوالدي هو اللذة المستقبلة التي ستسليه عما عساه أن يفقد من سائر اللذات، فخطاب الصغير بقوله: أين أمك يا «أوجين»؟ - أمي ... أعدت لنا عند الصباح غرفة بجوار مخدعها لنكون فيها منفردين عنك، فلا ترانا إلا إذا شئت، ولا نزعجك متى كنت مشغولا.
فقال «ڤكتور» في نفسه: ما برحت هي إياها: خلق كريم، ونفس شريفة، وفؤاد سليم، وأنا أقابل هذا الوفاء والإحسان بالخيانة والكفران. ولما شعرت «ماري» بقدوم زوجها أقبلت نحوه مرحبة به باسمة له وهي تقول: رأيت الآن مدام «سرزول» فذكرت لها كل ما أبديت لي من الملاطفة والمجاملة، فسرها ذلك أيما سرور وهي تروم أن أسير معها لزيارة بعض الوجهاء، وتزعم أن في ذلك مصلحة لك، فإن كنت ترى هذا الرأي، فإنا نزور أولا مدام «درميلي» ومدام «ڤلمورين» اللتين عرفناهما في «بواتو» من قبل.
ولما نطقت «ماري» باسم الباريسية الحسناء تهدج صوتها وارتعشت أعضاؤها بما نالها من انفعال النفس، ولكنها تمالكت وتجلدت ما استطاعت حتى كاد قلب «ڤكتور» ينفطر شفقة عليها، وحتى صغرت عنده نفسه بما وجد بها من كرم النفس؛ فضمها إلى صدره باكيا وهو يقول: عفوا، عفوا، إن ذنبي كان كبيرا، فلست بالحب منك جديرا. - دع عنك هذا الكلام فلا عتب ولا ملام، إني زوجتك الأمينة وأبى الله أن تألف نفسي الحقد والضغينة، بل حسبي من السعادة أن أراك، وأفوز بدوام قربك ورضاك.
فلأنت من دون البرية موئلي
Página desconocida