Bariqa Mahmudiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Editorial
مطبعة الحلبي
Número de edición
بدون طبعة
Año de publicación
١٣٤٨هـ
﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [المائدة: ١٦] مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ الْجَهْلِ إلَى الْعِرْفَانِ أَوْ مِنْ اسْتِحْقَاقِ النِّيرَانِ إلَى دُخُولِ الْجِنَانِ ﴿بِإِذْنِهِ﴾ [المائدة: ١٦] أَيْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِتَوْفِيقِهِ ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: ١٦] إلَى طَرِيقٍ مُؤَدٍّ إلَى اللَّهِ لَا مَحَالَةَ.
قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنْ قِيلَ الْهِدَايَةُ الْأُولَى مُقَيَّدَةٌ بِتَبَعِيَّةِ الرِّضْوَانِ وَسَبَبِيَّةِ الْقُرْآنِ وَالْهِدَايَةُ الثَّانِيَةُ مُطْلَقَةٌ فَبَيْنَهُمَا نَوْعُ تَنَافٍ وَإِنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْكِتَابِ فَلَا فَائِدَةَ فِي حَقِّ الِاعْتِصَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُكْتَفَى بِالْأُولَى قُلْنَا الْمَعْطُوفُ مُشَارِكٌ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَيْدِ
قَالَ الْعِصَامُ الْمَعْطُوفُ عَلَى مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ يُشَارِكُهُ فِي الْقَيْدِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّ الْمُطْلَقَ فِي مِثْلِهِ لَا يَبْعُدَانِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ وَيُقِرُّ بِهِ مَا يُقَالُ الْقُرْآنُ فِي النَّظْمِ يُوجِبُ الْقُرْآنَ فِي الْحُكْمِ وَمِنْهَا آيَةُ الْأَنْعَامِ ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ١٥٥] يَعْنِي كَثِيرٌ نَفْعُهُ دَائِمٌ خَيْرُهُ جَلِيلٌ قَدْرُهُ ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٥] بِإِتْيَانِ مُوَاجَبِهِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ ﴿وَاتَّقُوا﴾ [الأنعام: ١٥٥] أَيْ اجْتَنِبُوا عَنْ مُخَالَفَتِهِ أَوْ تَحَفَّظُوا بِحُكْمِهِ ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٥] أَيْ رَاجِينَ رَحْمَتَهُ وَقِيلَ لِيَكُنْ الْغَرَضُ بِالتَّقْوَى رَحْمَةَ اللَّهِ وَقِيلَ لِكَيْ تُرْحَمُوا لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ الْعَرَبِ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِمَا فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ أَنَّ مِنْ مَعَانِي لَعَلَّ التَّعْلِيلَ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤] بَلْ فِي الْإِتْقَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ لَعَلَّ لِلتَّعْلِيلِ.
وَعَنْ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ لَعَلَّ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى كَيْ نَعَمْ الْكَلَامُ بَاقٍ فِي اجْتِمَاعِ اللَّامِ مَعَ كَيْ وَاعْتُذِرَ عَنْهُ بَعْضُ حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ التَّرَجِّي لَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ تَعَالَى بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادِ وَمِنْهَا آيَةُ يُونُسَ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [يونس: ٥٧] الْمُرَادُ قُرَيْشٌ أَوْ الْجِنْسُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [يونس: ٥٧] أَيْ الْقُرْآنُ وَالْوَعْظُ زَجْرٌ بِتَخْوِيفٍ وَعَنْ الْخَلِيلِ تَذْكِيرُ خَيْرٍ فِيمَا يَرِقُّ لَهُ الْقَلْبُ أَوْ إنَابَةٌ إلَى إصْلَاحٍ.
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ كِتَابٌ جَامِعٌ لِلْحِكْمَةِ الْعَمَلِيَّةِ الزَّاجِرَةِ عَنْ الْقَبَائِحِ وَالنَّظَرِيَّةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ [يونس: ٥٧] مِنْ الشُّكُوكِ وَسُوءِ الِاعْتِقَادِ كَالْعَقَائِدِ الزَّائِغَةِ وَالْمَلَكَاتِ الْمُهْلِكَةِ نُقِلَ عَنْ الْخَازِنِ فِي وَجْهِ ذِكْرِ الصَّدْرِ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ وَغِلَافُهُ وَأَعَزُّ مَوْضِعٍ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ٥٧] لِأَنَّهُمْ فَازُوا بِكُلِّ خَيْرٍ وَنَجَوْا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ بِسَبَبِ التَّمَسُّكِ بِالْقُرْآنِ فَحَاصِلُ الْآيَةِ الْمُعْتَصِمُ بِالْقُرْآنِ يَتَحَفَّظُ عَنْ كُلِّ مَا يُوجِبُ الْبُؤْسَ وَيَتَوَصَّلُ إلَى كُلِّ نِعْمَةٍ وَثَوَابٍ وَرَحْمَةٍ وَمِنْهَا آيَةُ النَّحْلِ.
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩] يُقَالُ التِّبْيَانُ مُبَالَغَةٌ مَصْدَرٌ لَعَلَّ لِهَذَا فَسَّرَ الْبَيْضَاوِيُّ بَيَانًا بَلِيغًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ عَلَى التَّفْصِيلِ أَوْ الْإِجْمَالِ بِالْإِحَالَةِ عَلَى السُّنَّةِ أَوْ الْقِيَاسِ انْتَهَى لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُخَصِّصٍ مُعْتَبَرٍ فِي قَوْلِهِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إذْ التَّخْصِيصُ خِلَافُ الْأَصْلِ بَلْ هُنَا خِلَافُ الْوَاقِعِ إذْ الْقُرْآنُ لَا يَقْتَصِرُ بَيَانُهُ عَلَى الدِّينِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩] .
فَإِنْ قِيلَ كَوْنُ الْبَيَانِ بَلِيغًا يُوجِبُ التَّفْصِيلَ فِي الْكُلِّ فَقَوْلُهُ أَوْ الْإِجْمَالِ لَا يُلَائِمُهُ قُلْنَا لَعَلَّ الْأَبْلَغِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالتَّكْثِيرِ وَإِلَّا فَيَشْكُلُ كَوْنُهُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ إذْ بَعْضُ الشَّيْءِ مُبِينٌ بِغَيْرِ الْكِتَابِ كَبَاقِي الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ هَذَا أَقُولُ لِدَوَاعِي رُجُوعِ جَمِيعِ الْأَدِلَّةِ إلَى الْكِتَابِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مُفَسَّرًا وَكَاشِفًا كَالْقِيَاسِ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَعْضُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَوَاهِرُ أَمْثَالِ النُّصُوصِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْثُرُ مِنْ بَعْدِي الْأَحَادِيثُ الْحَدِيثُ ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى﴾ [النحل: ٨٩] بِالْجَنَّةِ ﴿لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩] فَقَطْ
1 / 36