89

Bard Akbad

برد الأكباد عند فقد الأولاد

Géneros

وروي أن سليمان بن عبد الملك لما مات ابنه أيوب قال لعمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة: إني لأجد في كبدي جمرة لا يطفئها إلا عبرة، فقال عمر: اذكر الله يا أمير المؤمنين، وعليك بالصبر. فنظر إلى رجاء بن حيوة كالمستريح إلى مشورته. فقال رجاء: اقضها يا أمير المؤمنين، فما بذاك من بأس. فقد دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وقال: ((العين تدمع والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)) قال: فأرسل سليمان عينيه، فبكى حتى قضى إربا. ثم أقبل عليهما، فقال: لو لم أنزف هذه العبرة لانصدعت كبدي، ثم لم يبك بعدها.

فلما دفن ابنه أيوب، وحثى على قبره التراب. قال: يا غلام دابتي، ثم التفت إلى قبره، فقال:

وقفت على قبر مقيم بقفرة ... متاع قليل من حبيب مفارق

وجاء أن إنسانا علويا من طبرستان مات ابنه، فحضر الناس ليعزوه، فلم يخرج إليهم في اليوم الأول، ولا الثاني، ولا الثالث، ثم خرج إليهم بعد ذلك فقال لهم: ليس الموت بولدي ابتدى، ولا عليه اعتدى، ولا إليه انتهى. ولكني أتفكر في طول حسراته في الغربة علينا، وطول حسراتنا على غربته ووحدته. وبكى ساعة، وأنشد:

واحسرتا للغريب في البلد ... النازح ماذا بنفسه صنعا

فارق أحبابه فما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا

هذا فؤادي لقد ملي أسفا ... قطعه الشوق والنوى قطعا

يقول في نأيه وغربته ... عدلا من الله كل ما صنعا

وروي أن بعضهم وقف على قبر يندب صاحبه في جماعة يبكون معه، فقال:

Página 125