El banco central en las diferentes eras
البنك المركزي في العصور المختلفة
Géneros
الإهداء
مقدمة
1 - تطور البنوك
2 - البنك المركزي في إنجلترا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي روسيا وفي الولايات المتحدة
3 - وظائف البنك المركزي، رأس ماله، إدارته، الأعمال التي يمتنع عن مباشرتها
4 - فكرة بنك مركزي لمصر
5 - التعاون الدولي، الصندوق المشترك، بنك التعمير
الإهداء
مقدمة
1 - تطور البنوك
Página desconocida
2 - البنك المركزي في إنجلترا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي روسيا وفي الولايات المتحدة
3 - وظائف البنك المركزي، رأس ماله، إدارته، الأعمال التي يمتنع عن مباشرتها
4 - فكرة بنك مركزي لمصر
5 - التعاون الدولي، الصندوق المشترك، بنك التعمير
البنك المركزي في العصور المختلفة
البنك المركزي في العصور المختلفة
تأليف
زكريا مهران
الإهداء
إلى روح المغفور له طلعت حرب باشا الذي كتب عن البنك الوطني وعلاج مصر الاقتصادي، وأسس بنك مصر وشركاته ليرفع القواعد من نهضتنا.
Página desconocida
أهدي هذه الرسالة، ذكرى لأيام أسعدتني بالعمل معه والاستماع إليه.
زكريا مهران
مقدمة
دعاني قسم الخدمة العامة بالجامعة الأمريكية إلى إلقاء محاضرة عن البنك المركزي، وترك لي حرية اختيار الناحية التي أحاضر فيها؛ فاخترت أن أتحدث عن البنك المركزي في العصور المختلفة؛ ذلك لأني لم أرد أن أكرر ما سبق لي أو لغيري ذكره في هذا الموضوع.
وقد رأيت أن أعتمد على التاريخ لأستخرج الدروس من صميم الوقائع، متبعا في ذلك الطريقة المعروفة بالطريقة الألمانية. فأعددت هذه المحاضرة وألقيت ملخصها في قاعة «يورت» التذكارية في الثاني من يناير سنة 1948.
وقد طلب إلي بعض حضرات الذين سمعوا المحاضرة أن أقوم بطبعها؛ لأنهم رأوا فيها لونا جديدا من البحث فيه تمهيد لدراسة البنوك المركزية، وفيه عرض مقارن لنظمها.
وإني لأرى من واجبي - والمحاضرة تستند إلى التاريخ - أن أعترف بدين عظيم للمؤرخ الكبير الأستاذ سليم بك حسن. فقد شجعني على البحث ما نافثني فيه أو ترجم لي بعض الوثائق البردية. وكذلك أمدني بكثير من المراجع التي اعتمدت عليها عند الكلام على الدول القديمة. كما أقر بالفضل لجناب مستر «ألن رو» - مدير متحف الإسكندرية - فقد أعانني على استيضاح بعض النقط الغامضة في تاريخ الفراعنة والبطالسة والرومان بمصر. فلحضرتيهما مني أجزل الشكر وأطيب الثناء.
الفصل الأول
تطور البنوك
المعابد في الدول القديمة
Página desconocida
لا بد لي حين أتبع الطريقة التاريخية من أن أمر مرورا عابرا على سير بعض الأمم والأفراد لأقتطف منها ما يصلح أن أقدمه نموذجا على عمل معين أو فكرة خاصة، مما أراه جديرا بالذكر في هذا البحث.
ولو رجعنا إلى مصادر التاريخ القديم فيما أمكن العثور عليه من الحفريات لوجدنا أن الإيداع والاقتراض كلاهما قديم في ذاته قدم الطيبات من الرزق. كان الإنسان يستكثر منها، فإن زادت عن حاجته ادخرها إلى وقت يفيد منها فيه، وإن امتنعت عليه راح يلتمسها قرضا أو صدقة ممن يقدر عليها.
فإذا كان الإنسان في عهده البدائي فأدوات الصيد والدفاع عن النفس والحبوب هي أثمن ما يحرص عليه، وهي لهذا نقوده الأولى التي تبايع بها أيضا قبل أن يهتدي إلى استعمال الأجرام المعدنية ثم النقود المسكوكة التي بدأ يضربها الليديون - على أرجح الأقوال.
ولما كان من الطبيعي أن يحتفظ الإنسان بتلك السلع، وأن يدخرها لوقت الحاجة في مكان أمين خوف السرقة أو الغصب، فقد استودعها المعابد في أول الأمر؛ لما فيها من مناعة وقداسة. وكانت معابد قدماء المصريين والآشوريين والبابليين والفرس والإغريق بها أمكنة خاصة لحفظ ودائع الأفراد. ولدينا الآن من قطع الخزف وجدران بعض المعابد ما تثبت نقوشه أن تلك المعابد كانت تقبل الودائع وتقرض الأفراد؛ مما جعل المؤرخين يقطعون بأن معبد «دلوس
Delos » ومعبد «أفيز
Ephese » ومعبد «ساموس
Samos » كانت تؤدي الأغراض التي تؤديها شون البنوك في الوقت الحاضر.
لم يكن كاهن المعبد عند قدماء المصريين مجرد رئيس ديني، وإنما كان على درجة كبيرة من الاستعداد الاقتصادي، فكان يدبر للناس أمور معاشهم ويقدم لهم المساعدات في أوقات الضيق، ويقوم عليهم بغير قليل من التوجيه الاقتصادي المحلي.
وقد أكد لنا البحث التاريخي صحة ما جاء في الكتب المقدسة من أن يوسف - عليه السلام - قد جعله مولاه على خزائن الأرض المصرية يعالج أزمة امتدت إلى سبع سنوات بسبب انخفاض فيضان النيل. ومن هذه الحقيقة التاريخية نشأت الأسطورة التي يؤمن بها الإسرائيليون من تعاقب الأزمات مرة كل سبع سنوات، وقد حاول كثير من الاقتصاديين أن يقيموا الأدلة على صحتها.
الإقراض عند الإغريق
Página desconocida
قلنا إن كهنة المعابد كانوا يقرضون المحتاجين. ويستتبع ذلك أن نعرف هل كانت المعابد تأخذ فائدة على ما كانت تقدمه من قروض. اختلف المؤرخون في ذلك، والراجح أن معابد الإغريق لم تكن في أول عهدها بالإقراض تأخذ فائدة، ولكنها اضطرت إلى أخذ تعويض عن التأخير في سداد القرض، فنشأت عن ذلك عادة أخذ الفوائد التي صارت فيما بعد معمولا بها على اعتبار أنها أجر أو استغلال لرأس المال الذي يقترض.
ولسنا نعرف على وجه التحقيق الوقت الذي بدأ فيه الأفراد يتخذون الإقراض حرفة لهم. ولكن من القصص الثابتة أن «هريود» الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد قد نصح لمقترض حبوب أن يرد لمقرضه أكثر مما أخذ حتى يشجعه بتلك الطريقة على تسليفه مرة أخرى إذا احتاج إلى الاقتراض منه.
وكان القانون الإغريقي القديم ظالما؛ لأنه أباح للمقرض أن يطالب المقترض بدفع نصف ما استلف زيادة على الأصل إذا لم يسد السلفة في الميعاد المتفق عليه. وعلى هذا أصبحت عملية الإقراض عملية كاسبة يلجأ إليها نفر من الضعفاء ويتعالى عنها ذوو الههم. ولكنها ما لبثت أن صارت ضرورة تحتمها ظروف التوسع الاقتصادي عند الإغريق في القرن الرابع قبل الميلاد. وقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثير من كبار رجال المصارف الإغريقية؛ فمنهم «بازيون» الأثيني الذي أهدى بلاده أسطولا مكونا من خمس مراكب. وقد مات سنة 371 عن ثروة كبيرة مصرفية قام على إدارتها بعده شريكه «فورميون
» الذي خلده «ديموستين
Demothene » بدفاع مجيد في إحدى القضايا الهامة التي رفعت عليه.
ولما كان الصيرفي الإغريقي يجلس ليباشر عمله إلى جوار مائدة خشبية، فقد أطلق الإغريق كلمة ترابيزة
Trapezi
على المصرف، ولا زالت مستعملة في اللغة اليونانية إلى الآن. وترجمتها في اللغات «طاولة بنك
Banco, Taoula » التي صارت علما على المصارف إلى وقتنا هذا.
وقد افتن أصحاب المصارف الإغريقية في الدعاية لأعمالهم، فكتب أحدهم المدعو «كايكوس » على مصرفه أنه يعامل الأجانب كما يعامل الوطنيين، وأنه مستعد حتى في الليل أن يبدل النقود لمن أراد، وكانت لهم دفاتر يقيدون فيها حساباتهم اليومية ويوقع عليها العميل بإمضائه أو خاتمه للمضاهاة عليه عند اللزوم.
Página desconocida
وقد عرف القانون الإغريقي نظام إيقاف الدفع المعروف الآن «بالموراتوريوم» في أوقات الضيق والأزمات. وقد تخصص بعض المدافعين في القضايا المالية، ورتبوا لها إجراءات تؤدي إلى سرعة الفصل فيها.
البنك المركزي عند البطالسة
وحين دخل الإغريق سنة 332ق.م مصر لم تكن لها نقود مضروبة؛ لأن المصريين كانوا يتعاملون بالحبوب فيما بينهم. وقد كانوا يتعاملون أيضا بحلقات معدنية إذا استدعى الأمر في أغراض تجارية أغلبها مع غير المصريين، فقد كانت للإغريق جاليات استوطنت من قبل مدنا لا تبعد عن البحر الأبيض، أهمها بلدة «نقراطس» عند فرع النيل الكانوبي، ومكانها الآن بلدة «نقراش» القريبة من «إيتاي البارود».
كانت هذه البلدة بمثابة ميناء دولي حر تقطنه جالية إغريقية بلغ عدد أفرادها 10000 نسمة يتعاملون فيما بينهم أو مع أهل البلاد الآخرين بالقطعة الدارية الذهبية وبالقطع الإغريقية من الدراخمة ومضاعفاتها. وقد نشطت هذه الجاليات الإغريقية ومن نزح إلى مصر من الإغريق عقب الفتح المقدوني، وتغلغلوا في داخلية البلاد، وكان منها كبار الموظفين ورجال المال على عهد البطالسة.
ولقد وضع البطالسة لموارد الخزانة نظاما مزدوجا في الضرائب، فقسموها إلى قسمين؛ أحدها: ضرائب تؤخذ عينا من الحبوب التي تنتجها الأرض المزروعة، والآخر: ضرائب تؤخذ نقدا من العملات التي ضربوها في مصر باسمهم. أما الضرائب الزراعية؛ فقد كانت تسلم في شون، ثم تنقلها مراكبهم في النيل وترعه إلى المخازن الرئيسية بالإسكندرية. وأما الضرائب النقدية - وهي رسوم ومكوس تؤخذ على كل ما لا علاقة له بالزراعة كرسوم العقود وضرائب المهن الحرة والاحتكار - فقد عهدوا فيها في أول الأمر إلى ملتزم يرسو عليه العطاء الأكبر في مزايدة علنية.
ولم يلبث أن اتضح خطأ نظام الالتزام في الضرائب النقدية؛ لأنه نظام وإن صلح في آثينا إلا أنه لا يصلح في مصر لبعد المسافات وصعوبة الإشراف على عمل هؤلاء الملتزمين الذين ساموا الناس الخسف، ونشروا الرشوة في الجباية، وأساءوا إلى البطليموس نفسه، فعدلت الحكومة عن نظام الالتزام، وعينت موظفين من قبلها لجباية الضرائب وإيداعها مصرفا حكوميا يقوم على تحصيلها واستغلالها لحساب الخزانة.
وقد ألقت حفائر الفيوم أخيرا ضوءا على أعمال هذا النوع من المصارف الحكومية فيما اكتشف بها من وثائق تركها «زينون» - أحد مديري هذه المصارف - وفيما اكتشف بالإسكندرية من نصوص لإرادات ملكية تعرف بقوانين الإيرادات كان البطليموس «فيلادلف» يرسلها إلى مديري هذه البنوك وموظفيها كمنشورات أو لوائح يجب العمل بها.
ومما يؤسف له أشد الأسف أن وثائق «زينون» موزعة على عدة متاحف، فبعضها بمتحف القاهرة، والبعض الآخر في متاحف الولايات المتحدة، وإيطاليا، وكولومبيا. وكان من الواجب أن تحفظ سجلات «زينون» وملف أعماله في متحف القاهرة، وأن تترجم كلها، فلا يترجم بعضها ويبقى البعض الآخر بغير ترجمة. ومما يؤسف له أيضا أن قوانين الإيرادات قد أضرت بها رطوبة الإسكندرية التي تتلف ورق البردي؛ ولذلك اضطر كثير ممن ترجموها أن يملئوا الفراغ الذي أحدثه التلف بفروض ظنية قد تصيب وقد تخطئ؛ ومن ثم يقوم الخلاف عند الباحثين فيها.
ولقد اطلعت على الترجمة الإنجليزية لهذه الوثائق وعلى رسالة قيمة وضعها العالم الألماني «فلكن
Vulken » عنوانها:
Página desconocida
Accentuke aus der Kongishen Bank Theben ؛ أي توضيح البنك الملكي في طيبة.
وأستطيع بعد هذا أن أؤكد لحضراتكم أن مصر قد عرفت نظام البنك المركزي بمعنى الكلمة، وأن هذا البنك المركزي كانت له فروع وشون بمختلف البلاد المصرية الهامة، وأنه استعمل في أساليبه ومحرراته ما لا يختلف كثيرا عما هو متبع الآن.
وثبت من وثائق «زينون» أن «أبولونيس
Appolonios » مدير المصرف الملكي بالإسكندرية، و«زينون» مدير المصرف بالفيوم، «وبيتون
» مدير فرع آخر، جرت بينهما مكاتبات لتنظيم العمل في الفروع. وفي هذه الأوراق ما يفيد أن أجور العمال وأثمان السلع الموردة للخزانة العامة كانت تدفع بتحاويل كأنها شيكات، وأن أذون التوريد وقسائم الدفع وإيصالات القبض من هذا البنك وفروعه كانت تحرر في عبارات قريبة جدا مما تستعمله البنوك في الوقت الحاضر.
ومن التعديلات الهامة التي أدخلها البنك المركزي المصري على نظم البنوك الآتية: أنه أبطل العمل بالأوامر الشفوية، ونص على ضرورة الاعتماد على الكتابة في جميع العمليات المصرفية. فضلا عن التوسع في أعمال المصرف من فتح حسابات جارية إلى قبول ودائع وإعطاء سلفيات لأغراض مختلفة، مع تقديم رهون وضمانات شخصية وعينية.
وكانت الأوامر الملكية تلزم مديري المصارف بضرورة استغلال الأموال الملكية، وتحتم عليهم أن يأخذوا رهونا عند إقراضها للأفراد حتى لا تضيع. وكانت هذه المصارف أيضا تستغل الأموال المودعة فيها وتعطي عنها فوائد إذا بقيت فيها وقتا طويلا. وكان فيها خبراء في المعادن والنقود ومراجعو حسابات، وكانوا جميعا يؤدون قسما قبل مباشرة أعمالهم على أن يؤدوا بالذمة والأمانة، وكانوا يعاقبون أشد العقاب إذا أهملوا في أعمالهم أو بددوا تلك الأموال المسلمة إليهم على اعتبارها أموالا عامة.
ولم يكن البنك المركزي الملكي يقصر نشاطه على المعاملات الداخلية، بل كان يمول التجارة في البحر الأبيض المتوسط، ويتعامل أيضا في قروض مع الدول الأخرى. وقد طلبت قرطاجنة من البنك الملكي في عهد «فيلادلف» أن يقرضها قرضا دوليا لتستعين به في حربها مع روما، ولكنه رفض حتى لا يغضب روما. ولكن بنوك روما عندما طلب منها بنك «أوليت» أن تقرضه اشترطت شروطا قاسية منها أن يرهن البنك المصري جميع إيرادات الدولة ضمانا للقرض.
ونستطيع بعد هذا كله أن نقول: إن ذلك البنك المركزي المصري عندما كان مملوكا للحاكم يوجه منه سياسة البلاد الاقتصادية كان صورة من التأميم الفعلي، على اعتبار أن مالية الملك في تلك العصور القديمة كان قوامها الخزانة تدخلها جميع إيرادات الدولة، ثم يصرف منها جميع ما كان ينفقه على الحرب ومشروعات الإصلاح العامة في بلاده.
ومن المهم أن نذكر أن ذلك المصرف الحكومي وفروعه قد انفرد بإدارتها والتعامل معها الإغريق. أما المصريون فقد ابتعدوا عنها مفضلين خزن غلالهم بمنازلهم وعند الضرورة يتعاملون مع الشون.
Página desconocida
وقد علل ذلك بعض المؤرخين بفقرهم ولكون الضرائب الإضافية كانت تفرض على المصريين بين وقت وآخر، ومنها ما يؤخذ للترفيه عن الحكام وضيافتهم في حفلات وولائم فخمة. من ذلك ما جعل كهنة إيزيس يكتبون على مسلة «الفيلا» شكوى لربهم مما حل بهم من ضنك بسبب إطعام الجنود والقادة في تجوالهم بالأقاليم القبلية. ومن ذلك أيضا أن نبيلا رومانيا وفد على مصر في سياحة ومعه حاشيته يحمل أمتعتها أربعون حمارا، وكانوا يجوبون البلاد بدعوة من الحكومة، ويرغم المصريون على الاكتتابات للاحتفاء بهم. ولهذه الأسباب امتنعوا عن إيداع نقودهم في البنوك حتى لا تؤخذ منهم في تلك الضرائب الإضافية والاكتتابات الجبرية، بينما الإغريق - وهم الأغنياء - لا تمتد إليهم أيدي الجباة وكبار الموظفين من أبناء جنسهم الذين استعمروا البلاد.
البنوك عند الرومان
ولما فتح الرومان مصر بعد هزيمة كليوباترة سنة 532م، أدخلوا كثيرا من التعديلات على نظم البنوك الخصوصية والعمومية التي سبق لهم أن نقلوها عن الإغريق والبطالسة. ومن أهم هذه التعديلات أنهم أباحوا للأفراد اتخاذ البنوك حرفة لهم، وقد كان البطالسة لا يسمحون بذلك إلا بعد تصريح من المتعذر أن تعطيه الحكومة؛ مما جعل أغلب المؤرخين يذهب إلى القول بأن البطالسة قد احتكروا أعمال البنوك وجعلوها ملكا للدولة.
وعلى العكس كانت روما تعد مهنة البنوك تجارة حرة، وكان مديرو هذه البنوك الخصوصية منفصلين تماما عن مديري خزانة الدولة. وقد عرفت روما هذا النوع من البنوك في القرن الرابع قبل الميلاد، وكان يقوم به جماعة من الصيرفيين عرفوا باسم
Argentarû
فتحوا حوانيت إلى جوار الفورم وفي الأحياء القريبة منه. وكانوا يتجرون في المعادن النفيسة - وبنوع خاص الفضة - بيعا وشراء، ويقرضون النقود بالفائدة. وكان بعضهم من أصل أجنبي من الإسبان الرومانيين والإغريق والفينيقيين.
ولما انتصرت روما على قرطاجنة سنة 146ق.م، اضطرت إلى تنظيم ماليتها وشئونها الاقتصادية لتسير بخطوات ثابتة في بناء إمبراطوريتها العظيمة. فجعلت خزائنها تؤدي أعمال المصرف الحكومي للدولة، وجعلت لها عشر فروع في المستعمرات أهمها فرع الإسكندرية لمصر ولما جاورها من بلاد أفريقية. وهذه الفروع تجبي ضرائب الصادرات والواردات وتحصل الجزية وترسلها للخزانة في روما. وكانت خزانة روما تقرض المستعمرات وتحاسبها على الفائدة إذا هي تأخرت في دفع ما عليها من جزية.
أما البنوك الخصوصية، فكانت تقوم على أموال مؤسسيها وأموال الأثرياء من الحكام وأغنياء الرومان. وكانت هذه البنوك تفتح الحسابات الجارية وتقبل التحاويل، ولها دفاتر منظمة، منها ما نسميه الآن بدفتر الصندوق ودفتر اليومية ودفتر الأستاذ. وإلى بنوك الرومان يرجع الفضل في وضع الأصول لطريقة مسك الدفاتر الحالية.
وكان المقرضون يتعاملون في أغلب الأحيان بأكثر من الفائدة القانونية؛ مما اضطر المشرع الروماني إلى استعمال القسوة؛ فنص على مصادرة قسم كبير من أموال الدائن والمدين إذا ثبت عليهم التعامل بالربا. فلجأ بعضهم إلى التحايل على القانون بطريقة البيع المعروف «بالغاروقة» أو بطريقة بيع السلم، ولما شددت الحكومة على المرابين نزح كثير منهم إلى مصر - التي ابتليت منذ القدم بالأجانب المشتغلين لها - فأقرضوا تحت أعين حكامها الرومانيين ورعايتهم بفائدة بلغت 80٪ في كثير من الحالات.
ولقد كان الربا متأصلا في نفوس الرومان. وكانت عقود الاقتراض تبيح للدائن أن يسترق مدينه عملا بالشرط الذي يلزم المدين أن يضع نفسه تحت تصرف الدائن إذا عجز عن الوفاء.
Página desconocida
ومع هذا لا يفوتنا أن نذكر هنا أن القانون الروماني قد وضع القاعدة التي نقلها المشرع الفرنسي ومن أخذ عنه، وهي إمكان اتخاذ دفاتر البنوك حجة على المتعاملين وغيرهم، ودليلا من أدلة الإثبات في الدعاوى التجارية.
العصور الوسطى
ننتقل بعد ذلك إلى ما يعرف عند المؤرخين بالعصور الوسطى، وهي فترة احتضار الإمبراطورية الرومانية بين سقوط شقيها الغربي والشرقي، وتلك حقبة من الزمن سادت فيها العقائد الدينية عند المسيحين والمسلمين على السواء. أما في البلاد الإسلامية فعلماء الشرع لا يرون التعامل بالربا، وأما في البلاد المسيحية فقد كان رجال الدين يحرمون إقراض النقود بالفائدة وقد سموها الربا، ويحرمون أيضا إقراض السلع المستهلكة كالحبوب إذا كان ردها أكثر مما أعطيت؛ لذلك انفرد اليهود بعمليات الإقراض في مختلف الدول، وأرهقوا الناس بشروط فادحة جعلتهم موضع الكراهية والمطاردة والاعتداء في كثير من البلاد.
ولكن الظروف السياسية والاقتصادية - وخصوصا في بيزنطة التي ورثت تقاليد الإغريق والرومان - جعلت الكنيسة تتسامح تدريجيا، فلا تأخذ محاكمها بالشدة من يتعامل بالفائدة. وجاء بعض الباباوات يجيز التعامل بالفائدة على أن تكون قليلة وحمى بعض المقرضين بالفعل، بل توسط لهم في تحصيل ديونهم كي يمنع عبث اليهود وسيطرتهم على مرافق التجارة والمال. فنشطت على أثر ذلك شركات صغيرة مكونة في الغالب من أفراد عائلة واحدة غنية تقوم بأعمال البنوك بمالها، وربما أمدها حاكم أو غني مستتر بماله أيضا. وقد أقرضت الأفراد والحكومة والنبلاء واستظلت بظلهم تستمد منه الجاه والمعونة وتدفع به الأذى عن نفسها. وكثيرا ما اقترضت الحكومات والبلديات من هذه البنوك لتشتري الحبوب في أوقات المجاعة أو لتنفق على الحروب، وكتبت للبنوك صكوكا بالدين وفوائده ومواعيد دفع أقساطه؛ فكان من ذلك أساس الديون العامة وصلة البنوك بها.
ولهذا فقد رأى بعض الحكام أنه لا مفر من تعضيد هذه الشركات، بل لا بد له من خلقها لتقف إلى جواره في الأزمات ولتساعده في التجارة، فنجد حاكم البندقية ينشئ في سنة 1171 البنك المعروف ببنك
Bank of Wenice
باكتتاب جبري فرضه على الأغنياء فرضا، وتعهد لهم بضمان ربح لا يقل عن 5٪ سنويا، ثم أشرك الحكومة معهم بالمال، وجعل على إدارة ذلك البنك موظفين يعينهم لإدارته.
وقد نجح ذلك البنك المركزي شبه الحكومي نجاحا كبيرا دفع بلادا أخرى إلى تقليده؛ فقام على قواعده بنك سانت جورج وبنك برشلونة في القرن الرابع عشر. وأخذت الفكرة تنتشر من بلد إلى آخر حتى أخذ بها الهولنديون حين كبر ملكهم ونشطت تجارتهم بعد توسعهم الاستعماري، فأنشئوا في أمستردام بنكها المعروف
Bank Amesterdam-“Bank van Wissel”
سنة 1609 في كنف الحكومة وتحت إدارتها بواسطة موظفيها.
Página desconocida
وقد أساء الموظفون الهولنديون إدارة ذلك البنك وعبثوا بأمواله، وعمل تحقيق في سنة 1760 اتضح منه أن الودائع التي كانت مقدرة في الدفاتر بمبلغ 30000000 جلدر لا يوجد منها في خزائنه سوى مبلغ 10000000 جلدر، وأن الموظفين قد سرقوا ما لا يقل عن ثلثي أموال البنك أو 66٪ منها. واضطرت الحكومة أن تعمل على دعمه؛ لأنها مسئولة عن أعمال موظفيها وضامنة للأموال المودعة فيه، ولكن عبث الموظفين لم يلبث أن اتضح مرة أخرى، فحين احتلت فرنسا هولاندا سنة 1790 وراجعت حساب البنك ظهر أنه مفلس بسبب تلاعب الموظفين واقتراض البلدية منه قروضا للبذخ؛ فاضطرت الحكومة الهولندية إلى أن تصفي أعماله وأن تدفع جميع ديونه.
شركات «جون لو»
ومن القصص الطريفة التي يرويها كتاب تاريخ البنوك لما فيها من دروس وعظات؛ قصة رجل اتفقت الآراء على أنه من أكبر نوابغ العالم في شئون المال، ولكنها اختلفت في حقيقته؛ فمن قائل إنه أكبر محتال مغامر عرفه التاريخ، ومن قائل بأنه رجل نزيه ولكن الظروف خانته؛ ذلكم «جون لو
John Law »، رجل استكتلندي الأصل على أعظم جانب من التحصيل العلمي والثقافة الاقتصادية، وضع رسالة قيمة سنة 1700 عنوانها
Money and Trade Considered ، ضمنها مشروع بنك مركزي يكتتب في أسهمه أربعون من كبار الماليين ليكونوا شركة تصدر الورق النقدي، وتغطيه بقروض ورهون على الأراضي؛ فتفيد من ثمرتها وتقوي من غطائها في الوقت ذاته، ولما لم يؤمن بمشروعه أحد في اسكتلندا أو إنجلترا شد الرحال إلى خصوم الإنجليز في فرنسا المتعطشة لمنافسة إنجلترا في التوسع الاستعماري والمالي.
رحب وصي العرش الفرنسي ب «جون لو» الذي وطد الصلة به وأقنعه بضرورة إنشاء بنك بأموال الحكومة. ولكن أصحاب البنوك الخصوصية ورجال المجلس المالي بفرنسا ناهضوا المشروع، فعدله إلى مشروع إنشاء بنك مملوك للأفراد وتحت إشراف الحكومة، فقبل الوصي ذلك وأعطاه امتيازا بالبنك وسط ضجة في البرلمان سنة 1716، وبدأ بنكه المسمى
Banque Générale ، فأصدر ورقا مغطى 100٪ بالذهب والفضة، ونجح في أعماله نجاحا كبيرا وأدى خدمة كبرى للفرنسيين؛ إذ اضطر البنوك الأخرى إلى تقليل سعر الفائدة التي كانت تقرض بها الأفراد والحكومة.
ولو أن الرجل وقف عند هذا الحد لكان من المفلحين. ولكن الطمع دفعه إلى الاستزادة من النجاح، وجعله يحصل من الملك عقب بلوغ رشده على امتياز بإنشاء البنك الملكي
Banque Royale
لإصدار الورق النقدي دون أن يكون مجبرا على دفع قيمته بالنقود المعدنية؛ فسبب بذلك تضخما في الورق النقدي صور للناس رخاء كاذبا، ودفعهم إلى تأسيس شركات كثيرة من النوع الذي تمليه ظروف التضخم ، بعضها نافع وبعضها خيالي. ولعبت الوطنية أيضا دورا خطيرا في إنشاء تلك الشركات التي قصد بمعظمها إغاظة الإنجليز وصراع شركاتهم التي تعمل في أمريكا وآسيا.
Página desconocida
وانتهى الأمر بإفلاس البنك وشركاته ووقوع فرنسا في أزمة طاحنة دامت خمس سنوات. أما أغنى رجل في العالم فقد أضحى طريدا يتسول في الطرق حتى رتبت له إنجلترا معاشا مكافأة له على إفساد مالية عدوها اللدود فرنسا.
بقيت آثار هذه النكبة عالقة بأذهان الفرنسيين زهاء نصف قرن، حتى جاء رجل من كبار الماليين بجنيف سنة 1776، واستصدر من حكومتها امتيازا بإنشاء بنك
Caisse d’Escompte
له حق إصدار الورق النقدي، على أن يودع الخزانة الفرنسية مبلغا معينا من سنداتها تأمينا لما يصدره بموافقتها، ولكنه اضطر تحت ضغط الحكومة وطلباتها المتكررة أن يصدر ورقا لا يمكنه أن يعطي بدله نقودا معدنية، فتوقف عن الدفع، وتدخلت الحكومة لإنقاذه؛ فاسترد مكانته في سني 1777 و1779، ولكن الحكومة عادت ترهقه بالاقتراض حتى بلغ مجموع ما اقترضته منه 15000000 فرنك أرادت أن تسويها بأوراق أصدرتها الخزانة اسمها
Assignats
قبيل الثورة الفرنسية، ذكرت أن الغرض منها شراء أملاك الكنائس ورجال الدين لضمها إلى أملاك الدولة، وتعهدت في تلك الصكوك بأن تدفع عنها فائدة، فأقبل الناس عليها طمعا في الربح، وأكثرت الحكومة من إصدارها حتى بلغت 45500000000 فرنك فنزلت بذلك قيمتها. واضطرت الحكومة أن تصدر بدلا منها صكوكا أخرى عرفت باسم
Mandats
غطتها برهن ممتاز على بعض أملاك الجمهورية، ولكنها لم تفلح لفقد الثقة بها، فهوت إلى الحضيض، ولم تجد الحكومة بدا من إلغائها تماما سنة 1797.
الفصل الثاني
البنك المركزي في إنجلترا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي روسيا وفي الولايات المتحدة
Página desconocida
بنك إنجلترا
ندع تلك البنوك التي أنزل عليها التاريخ ستاره لنتكلم عن أهم البنوك المركزية القائمة في الوقت الحاضر مبتدئين بعميدها؛ بنك إنجلترا. فهو وإن لم يكن أقدم البنوك الموجودة على قيد الحياة أو أكثرها مالا، إلا أنه برغم ذلك له مآثر لا تنكر في عالم البنوك وآثار خالدة في السياسة والاقتصاد والاستعمار البريطاني.
رسم الخطة الأولى لهذا المصرف العتيد رجل اسمه «وليم باترسون » سنة 1694، واستعان على تدبير ماله بجماعة من كبار الماليين في حي السيتي، بعضهم من الحزب المعروف بجماعة ال
Whigs
ليقرضوا الملك وليم الثالث
William
1200000 جنيه ليستعين بها في حربه مع لويس الرابع عشر ملك فرنسا نظير فائدة تدفع لهم سنويا بواقع 8٪ مضافا إليها ما سمي نفقات الإدارة، فيكون مجموع ما يدفع لهم 100000 جنيه سنويا، وعلى أن يكون من حق هذه الشركة أن تحصل على إذن من الحكومة البريطانية بإصدار الورق النقدي، وقد حصلت على ذلك الإذن بعد سنوات قليلة.
ولكن هارلي
Harley
وفولي
Página desconocida
Foley
على رأس جماعة من ملاك الأراضي وأعيان الأقاليم والقساوسة والرجعيين من المطالبين بإعطاء الملكية أوسع الاختصاصات المعروفين
Tories
أغاظهم ذلك، فاتهموا منشئ بنك إنجلترا بأنهم انتهزوا فرصة احتياجه للمال وأقرضوه بربا فاحش، ورموهم علنا في البرلمان بأنهم أفاكون خونة. ولم يطل الأمر بحزب الملك حتى ناهضهم بمشروع أعده رجل جماع للمال كان في الأصل طبيب الأمراض النسائية ومولد الملكة آن، اسمه
Dr, Chamberlen ، فكون شركة من رجال البلاط وحزب الملك أنشأت بنكا يسمونه بنك الأراضي
Land Bank
له حق إصدار الورق النقدي على أن يغطى برهون على الأملاك الزراعية، وحجتهم في ذلك أنه لا خوف من إصدار الورق طالما هو مغطى بحقوق عينية على الأراضي الزراعية التي تغل إيرادا مضمونا يكفي أيضا لدفع ربح معقول للمساهمين.
وبالرغم من كون الملك وليم قد حاول أن يبقى محايدا في ذلك الصراع، إلا أنه اضطر تحت ضغط الحوادث إلى المساهمة في بنك الأراضي بمبلغ 5000 جنيه.
وقد قام مشروع هذا البنك على أساس قريب الشبه للمشروع الذي سبق أن وضعه جون لو. وقد فات مؤسسي هذا البنك أن طول مدة الرهن يفقد الأرض سمعتها وقيمتها. وقد ظنوا أن الأرض التي قيمتها مثلا 1000 جنيه إذا رهنت عشرة أعوام أتت بثروة توازي 10000 جنيه، وإذا رهنت عشرين عاما أتت بثروة توازي 20000 جنيه وهكذا، وحسبوا أن مثل هذه الثروة تصلح أساسا طيبا للغطاء عند الإصدار.
ولم يكتف خصوم بنك إنجلترا بمحاربته ماليا بل حاربوه دينيا؛ فقد وقف القس الدكتور
Página desconocida
Sachervell
خطيبا في كنيسة سانت بول ودعا إلى مظاهرة قامت من هايد بارك لتخريب بنك إنجلترا ونهبه، ولكن الملكة
Anne
آن أرسلت حرسها الملكي فحافظ على البنك وحماه من المعتدين، وقد حفظ البنك لها هذا الصنيع ووثق العلاقات معها. ولكنها اضطرت من ناحية أخرى أن ترضي المناصرين للملكية، فأصدرت لهم امتيازا بشركة
South Sea
محاربة لنفوذ فرنسا في أمريكا. وقد أقحموا الملك جورج الأول، فأجلسوه في رياسة شركات فجة، وجعلوا في عضوية إدارتها بعض ذوي النفوذ ليقبل الجمهور على الاكتتاب فيها. وقد أفلست هذه الشركات وحقق البرلمان في تصرفاتهم، وأصدر قراره بإدانة هؤلاء العظماء الذين غرروا بالشعب وأوقعوه في مشروعات خائبة.
ولقد استطاع بنك إنجلترا أن يقوم بعمله على الوجه الأتم وسط تلك العواصف الحزبية والمالية، ولعل من حسن حظه أن خصومه قد منعوا بنص صريح مساهمي بنك إنجلترا من الاشتراك في بعض شركاتهم. ولكن بنك إنجلترا رغم كيدهم له كان رحب الصدر مع خصومه؛ فلم يمتنع عن بذل المساعدة لإنقاذ أعوان الحكومة من الورطة المالية التي أوقعوا أنفسهم فيها.
ولم يبخل على الحكومة البريطانية بالقروض في الحروب والأزمات التي سببت لها ديونا بلغت في سنة 1750 ما قدر بمبلغ 75 مليونا من الجنيهات، منها لبنك إنجلترا وحده 12 مليونا. وهذا الدين ليس بالقليل في ذلك الوقت على شعب عدده ستة ملايين ونصف مليون نسمة. لقد قبل البنك عن طيب خاطر أن ينزل فائدة دينه إلى 4٪، ثم أنزلها مرة ثانية إلى 3٪، وفوق هذا فقد تكفل بتحويل وحدته ديون الحكومة المختلفة الأنواع، فأحسن القيام بتلك المهمة التي عهدت إليه بها الحكومة البريطانية.
ولما ولي الحكم العبقري بت الصغير
أخذ على عاتقه وهو في الخامسة والعشرين من عمره سنة 1783 أن يعمل على تخفيض ديون إنجلترا بتقليل النفقات واتخاذ احتياطي يخصص في الميزانية لاستهلاك الديون. ولكن الثورة الفرنسية لم تمهله، فقد جرت في أعقابها صراعا عنيفا في القارة الأوروبية امتد لهيبه إلى إنجلترا، وأوشك أن يتناولها في مستعمراتها، ولم يكن بد لإنجلترا في أن تقترض لتستعد للحرب التي لم يكن ثمة مفر من الدخول فيها.
Página desconocida
ولما كان بنك إنجلترا مقيدا بمقتضى القانون ألا يقرض الحكومة إلا بتصريح من البرلمان، فقد استصدر «بت» قانونا يعفي بنك إنجلترا من هذا القيد، ويطلق يده أن يقترض ما يشاء من ذلك البنك في تلك الفترة الحالكة السواد التي تعلقت فيها مصائر إنجلترا بين الحياة والفناء. وقبل البنك ذلك ولكنه تعرض للإفلاس؛ إذ أكثر من البنكنوت وجاء الناس يطالبونه بالقطع النقدية المعدنية. وهمت الحكومة أن تعفيه من ذلك، وإذا بزعماء المال يجتمعون ويمضون تعهدا ألا يسحبوا أموالهم وألا يطالبوا بالنقود المعدنية. ذلك موقف خالد من مواقف الوطنية العملية، لا بد لنا من أن نذكره بالإعجاب لقوم بنوا مجدهم على الأخلاق والتضحية.
ولما انتصر الإنجليز على نابليون عادت الثقة إلى المالية البريطانية، وجاءت الأموال والسبائك المعدنية تتدفق على البنك وغيره من البنوك الأخرى، وأعادت الحكومة العمل بالمادة التي كانت تحرم على بنك إنجلترا ألا يقرضها إلا بعد استئذان البرلمان.
ولم تكن شدائد الحروب فقط هي التي أدى فيها البنك واجبه نحو بلاده، بل أدى ذلك الواجب في أزمات السلم أيضا عندما عمت ضائقة نقص المحاصيل الزراعية، ونشأت مفاجآت التنافس الصناعي وتخبط شركات التأمين التي تعرضت فيها بنوك إنجلترا وشركاتها للخراب فعلا، فتقدم بنك إنجلترا وقاد السفينة قيادة ربان ماهر فنجت بأقل الخسائر الممكنة.
ولقد كانت لهذا البنك اليد الطولى في إقالة عثرات كثير من الشركات الاستعمارية، وفي إنشاء البنوك التي تعمل في الخارج لمصلحة التجارة والاستعمار البريطاني. وكم كلفته الحكومة البريطانية سرا وعلنا أن يمد هذه الشركات بالمعونة. وحسبه أنه مكن للحكومة البريطانية أن تشتري موجودات شركة الهند الشرقية عندما قرر البرلمان ضمها إلى التاج ليحكم الهند، وأنه أعطى تلك الحكومة أيضا المبلغ الذي دفعته ثمنا لأسهم شركة قنال السويس عندما عرضها الخديو للبيع بثمن بخس.
لم يكن من المستغرب بعد هذا كله أن تنظر إليه الحكومة والشركات والأفراد في إنجلترا نظرة الإعجاب بما انطوى عليه من رعاية مصلحة الجميع؛ فقد لمسوا قيمة تلك الخصال التي طبع عليها مساهموه وإدارته على مرور الزمن وتعاقب الأحداث.
ولقد وصف هذا البنك
Walter Pagehot
أدق وصف وأوجزه في كتابه
Lombard Street
الذي طبع سنة 1873 فقال: «إن بنك إنجلترا قد نجح؛ لأنه عرف أن يؤدي واجبه في نظر ثاقب لا يحابي أحدا، بل يعمل للمصلحة العامة وحدها، فيدخر في وقت الرخاء احتياطيات هائلة يتقدم بها مخاطرا في أوقات الشدائد لينقذ بلاده.» وقد أعجب بهذا الوصف اللورد كنيس، فقال عنه في سنة 1926: «إنه قد أمم بنك إنجلترا بتلك العبارة الجامعة منذ خمسين سنة مضت.» تلك نبوءة صدقت قولا وتأويلا؛ فقد تحققت سنة 1945 عندما أممته الحكومة، ولم يشعر أحد بأقل فارق.
Página desconocida
بنك فرنسا
ذلك بنك إنجلترا قام على أموال الأفراد، وتدرج مع الزمن في تقاليد جعلته يضع مصلحة الإمبراطورية في المقام الأول، هو بنك يختلف بعض الاختلاف عن بنك فرنسا الذي أنشئ سنة 1800 في عهد نابليون الذي لم يقصر كل همه على الحروب، بل نهض بفرنسا في الاجتماع والقانون والمال.
تأسس بنك فرنسا برأس مال قدره 30000000 فرنك مقسم إلى أسهم قيمة كل سهم منها 1000 فرنك، كتبت فيه الحكومة بما قيمته 5000000 فرنك، والباقي من رأس المال اكتتب به الأفراد والشركات، ثم زيد رأس ماله سنة 1948 عندما ضمت إليه تسع بنوك إقليمية صارت ضمن فروعه المنتشرة في فرنسا.
نشأ هذا البنك أول أمره شبه حكومي خاضعا لسلطان الحكومة الفرنسية إلى حد كبير؛ فهي مساهمة فيه، ولا رأي غير رأيها في إدارته وسياسته. وقد احتكر إصدار البنكنوت في فرنسا، وأكثر من إصداره بالنسبة لبنك إنجلترا؛ لأن الفرنسيين لا يستعلمون الشيكات بالكثرة التي يستعملها الإنجليز.
وتستودع الحكومة الفرنسية هذا البنك أموالها، ويقوم لها بخدمات كبيرة بغير أجر، وتستطيع دائما أن تلزمه بتقديم قروض لها، ولا يقتصر عمله على الحكومة والبنوك، بل يتعامل مع الأفراد ويحفظ لهم الودائع، ويعطيهم خطابات الاعتماد، ويشتري ويبيع لهم الأوراق المالية في البورصات. وهو في هذا يخالف ما كان الإجماع منعقدا عليه من ضرورة ابتعاد البنوك المركزية من التعامل مع الأفراد.
وقد وجه بعض الكتاب إلى هذا البنك انتقادين؛ أولهما : أنه بالغ في كثير من المواقف في جمع السبائك المعدنية الذهبية منها بوجه خاص عملا بالأساليب الكلاسيكية التي تعتبر المعادن النفسية عنوان الرخاء وعماد الثبات في سعر العملات. وثانيهما: أنه كان خاضعا خضوعا أعمى لأوامر وزارة المالية الفرنسية، لا يناقشها ما تطلبه من قروض، ولو كانت عقيمة أو كانت بواعثها العمل على تصوير التوازن لميزانيات ملفقة؛ مما أدى إلى هبوط الفرنك.
ومهما يوجه إليه من انتقاد فمن حقه عليها أن تذكر له أنه قد أدى واجبه هو الآخر نحو بلاده في حروبها وأزماتها، وفي نشر استعمارها وتجارتها قبل أن يتحول كزميله بنك إنجلترا إلى بنك مؤمم مملوك للدولة.
الريشبنك في ألمانيا
ومن النماذج الفريدة في بابها: بنك الريخ الألماني، الذي أنشئ في سنة 1875 بعد أن توحدت ألمانيا وانتصرت على فرنسا في الحرب السبعينية. وكان من المتعين أن يوجد نظام الإصدار الذي كانت تقوم به بنوك الدويلات من قبل، وأن يكون للإمبراطورية الجرمانية بنك مركزي تقوم عليه نهضتها الاقتصادية التي يجب تجنيد القوى لتسرع فتحتل ألمانيا المكان اللائق بها؛ ولهذا كان من خصائص النظام الألماني أن يجعل البنوك على صلة وثيقة بالصناعة على عكس النظام الإنجليزي والفرنسي - ولا يماثل النظام الألماني إلا نظام النمسا والمجر واليابان قبل الحرب الماضي - وأن يجعل البنوك أيضا على صلة كبيرة بالحكومة والهيئات العامة.
لقد جنت الحرب العالمية الأولى على ألمانيا، وأفقدت برلين سوقا مالية عظيمة كانت تمتاز بكونها تقترض لآجال طويلة في حين أنها هي تقترض لآجال قصيرة، كما جنت أيضا على بنك الريخ الذي وإن استطاع بمهارة فائقة أثناء تلك الحرب أن يمول ألمانيا وحلفاءها الذين كانوا عبئا ثقيلا عليها لقلة مواردهم، إلا أنه خرج منها منهوك القوى غارقا في خضم من الورق النقدي الذي فقد قيمته سنة 1923 حين أعلنت الحكومة الألمانية عجزها عن سداد ما عليها، ومد لها الحلفاء يد المساعدة لتستطيع أن تدفع لهم ما فرضوه عليها من ديون.
Página desconocida
أعاد الحلفاء بنك الريخ سنة 1924 في نظام جديد فرض عليه طبقا لمشروع داوز
Dawes
أن يبتعد عن الحكومة، وأن يعين في مجلس إدارته قوميسيرا أجنبيا، ثم جاء مشروع «يونج» فأحل خبيرا أجنبيا محله. ولكن هتلر أرجع البنك تحت سيطرة الحكومة وجعله مسئولا أمام الفوهرر، ولو أن أسهمه تحملها الأفراد. ولقد لعب هذا البنك دورا خطيرا أثناء الحرب العالمية الثانية في تمويل ألمانيا، وكان واسطة التعامل بين الدول المحتلة التي ربط عملاتها بعملته في نظام محكم للتبادل التجاري بزعامة المارك في منطقته التي أخضعتها جيوش الألمان قبل هزيمتهم، وجعلت عملتها متصلة بالمارك اتصال الإسترليني بالعملات التابعة له.
نظام روسيا الشيوعية
أما روسيا فإنها أنشأت بنكها المركزي ملكا للحكومة سنة 1860 في العهد القيصري. ولكنها أسرفت في الاقتراض منه وفي حمله على إصدار ورق نقدي كان يعوزه الغطاء السليم. فكان النظام القيصري مضرب المثل على فساد الإدارة الحكومية حين تسيطر على بنك الدولة.
وقد تغير هذا النظام على أيدي البلاشفة الذين جعلوا الغابات والمزارع والمصانع والمواصلات كلها ملكا للدولة، وهي التي تقوم بالتوزيع في نظام متماسك متشابك يعود بالنفع على الأمة في مجموعها - كما يقولون - وجند فيه الأفراد في مختلف طرائق الإنتاج التي تقوم بالصرف عليها ميزانية ضخمة تجمع في ميزانيات الاتحاد السوفيتيي بإشراف الهيئة التشريعية المركزية، وهذه الميزانية هي التي تمد البنك الحكومي بالمال طبقا لما يرسم له من خطط.
ومنع هذا النظام سنة 1921، وأعطي البنك حق إصدار ورق النقد «البنكنوت»، وقد حصر فيه بمقتضى القانون حق امتلاك الذهب، سواء ما يوجد منه في البلاد أو ما يستورد من الخارج، وكذلك له وحده حق امتلاك المعادن التي تقرب منها القطع المعدنية، وحق امتلاك العملات الأجنبية التي توجد أو ترد إلى روسيا.
وقد استطاع هذا البنك بعد مجهود عنيف أن يثبت العملة الروسية، وهو المسئول عن غطاء النقد وكل ما يتعلق بالعملات، وتحت تصرفه بنوك صغيرة منتشرة في البلاد تقوم بالقروض الطويلة الأجل. أما القصيرة الأجل فهي من حق بنك الحكومة الرئيسي وحده.
ومهمة هذا البنك أن يمول الإنتاج بمختلف أنواعه من يوم أن يبدأ الإنتاج إلى آخر مرحلة يباع فيها. ويزعم البلاشفة أن نظامهم مرن يجعل النقود لا تبقى عاطلة أية مدة، مع أنه يخضع المقترض إلى إشراف حكومي وتوجيه يقيدانه. فإذا أخفق حقق معه لمعرفة أسباب الإخفاق، فإذا كان العمل الذي اقترض من أجله مجديا استمر فيه، وإلا منع منه وسئل عن نتائج أخطائه.
وتدخل أرباح هذا البنك وخسائره في الميزانية العامة. أما موارده فتأتيه من ودائع مخصصة للإنتاج وتنفيذ برامج أعدت للصناعة ولتمويل الإنتاج في المزارع التعاونية ومن احتياطي خاص يؤخذ من أرباحه، فضلا عما تخصصه له الميزانية العامة للاتحاد سنويا.
Página desconocida
وهذا البنك مسئول أكبر المسئولية عن جعل كمية النقود وحركتها مطابقتين لحاجات البلاد، وهو وحده الذي يستطيع أن يتعامل مع البنوك الخارجية، وعند اللزوم يصدر له قانون بتحديد سعر العملات الأجنبية.
الطريقة الفدرالية في الولايات المتحدة
نترك العالم القديم لننتقل إلى توأمه الحديث الاكتشاف الذي قام كيانه الاقتصادي على أكتاف جماعات نشيطة هاجرت إليه زرافات ووحدانا معظمهم من القارة الأوروبية؛ لدواع دينية، أو سعيا وراء الرزق في استخراج المعادن النفيسة، أو فلاحة الأرض. ولقد كانت تلك القارة مسرحا لمعارك طاحنة بين هؤلاء الأقوام، بل أيضا بين بعضهم وبين الإنجليز في حرب انتهت باستقلال الولايات المتحدة.
وإن لنا في تاريخ الولايات دروسا يجب الانتفاع بها حين تتطور من بلاد كان جل اعتمادها على الزراعة، إلى بلاد تجمع بين الزراعة والصناعة في أرقى الأساليب المبتكرة التي باتت يحسب لها أكبر حساب في المنافسة الدولية والتهيؤ لانتزاع أسواق المال من القارة الأوروبية.
ونظام بنوكها المركزية المتحدة في إدارة عامة جاء وليد تجارب قاسية مرت بها البنوك والحكومة والأفراد في أدوار متلاحقة من الرخاء والأزمات والاعتبارات الإقليمية المختلفة.
ولقد قضت ظروف هذه الولايات أن تكون الخطوة الأولى إنشاء بنوك الأراضي
Land Banks
في سنة 1686 لمساعدة المزارعين على استغلال أراضيهم. وكان من حق هذه البنوك أن تصدر ورقا نقديا، ولكنها تحت ضغط الحاجة أسرفت في إصداره إلى حد جعل إبداله بالنقود المعدنية متعذرا؛ فجر هذا إلى تضخم سيئ العواقب تلته أزمات مما اضطر الحكومة أن تخطو الخطوة الثانية بإنشاء بنوك حكومية في الولايات
State Banks
أولها بنك
Página desconocida
The Bank of the State of Peunysilvania ، ثم بنك
The Bank of the State of New York ، ثم بنوك أخرى بعضها مملوك للولاية وبعضها مملوك لها وللأفراد مثل بنك
Bank of Indiana ، ومضت هذه البنوك في أعمالها تصدر الورق النقدي وتقبل الودائع وتقترض وتقرض، ولكن القروض زادت عن الودائع.
ولما لم تكن هذه البنوك على جانب من القوة والتنظيم يسمح لها أن تنهض بالولايات المتحدة كدولة تسعى إلى هدف في المعترك الدولي، فقد أسست الحكومة سنة 1791 بنكا مركزيا شبه حكومي
Bank of the United States ، رأس ماله 10000000 دولار، دفعت منها الحكومة 2000000 دولار، والباقي اكتتب به الأفراد والبنوك. ونقلت عن بنك إنجلترا وتقاليده بعض موارد هذا البنك. وبدأ عمله في فيلادلفيا، واستودعته الحكومة والبنوك والأفراد ما زاد لديهم من مال، فضلا عن كون الحكومة قد اعتمدته في تحصيل مالها أو أداء ما عليها للأفراد.
ولما انتهى امتياز هذا البنك بعد عشرين عاما، وأرادت الحكومة أن تمد مدته لعبت الأهواء السياسية دورا خطيرا فرفض مشروع القانون بصوت واحد في المجلسين، واضطر البنك أن يصفي أعماله في سنة 1811.
نشطت على أثر ذلك البنوك الأخرى نشاطا ضارا، فحدثت أزمات اتضح منها بوجه قاطع خطأ تصفية ذلك البنك؛ فأنشأت الحكومة بنكا ثانيا على غرار البنك الأول عرف باسم
The Second Bank of the United States ، وجعل امتيازه كذلك لمدة عشرين عاما، وقام على إدارته مجلس مكون من عشرين عضوا تنتخبهم الجمعية العمومية للمساهمين وخمسة أعضاء يعينهم رئيس الولايات المتحدة بموافقة الكونجرس. وكان مركزه الرئيسي في فيلادلفيا أيضا وله فروع منتشرة في المدن الهامة.
وبالرغم من كون هذا البنك قد أصلحت فيه العيوب التي أخذت على البنك الأول، وبالرغم من كونه قد قام للحكومة والأفراد بخدمات لا تنكر، إلا أن تدخل الحكومة في إدارته واضطرارها تحت ضغط سياسي لم تقو على مواجهته إلى سحب ودائعها منه وإعطائها للبنوك الإقليمية التي كثر عددها، وساءت إدارتها، كل أولئك سبب للبلاد كارثة مالية جعلت هذا البنك يتوقف عن الدفع في سنة 1841.
ساء الموقف بعدئذ؛ فالبنوك الإقليمية متضاربة السياسة، ومصادر النفوذ الورقية متعددة، ونظمها متغيرة متبدلة، وزاد الموقف سوءا على سوء قيام الحرب الأهلية؛ فأصبح من المحتم بعد هذا أن يصدر قانون في سنة 1863 ينظم أعمال البنوك في الولايات المتحدة.
Página desconocida
نص ذلك القانون على نظام يعرف ب
National Banks System ، بمقتضاه يتعين على البنوك في الولايات المتحدة أن تملك ضمانا لإصدارها سندات حكومية بقيمة 25٪ مما تصدره هذه البنوك من ورق وما تحفظه من ودائع. عمل هذا القانون على ضبط أعمال البنوك، ومكن للحكومة أن تعترض منها وبين واجباتها في الإصدار، وحدد لها المدة التي يعطى فيها الامتياز بعشرين عاما.
ولكن هذا النظام رغم متانته الظاهرة لم يحل الإشكال الأول، وهو عدم توحيد سياسة البنوك لمصلحته الاقتصاد القومي في الولايات المتحدة. وقد اتضح هذا العيب جليا في أزمة سنة 1907 عندما شكلت الحكومة لجنة
National Monetary Committee
لتبحث أسباب ونتائج تلك الضائقة ... وقد قدمت تلك اللجنة تقريرا لفتت فيه النظر إلى أنه من عيوب ذلك النظام عدم توحيد السياسة، وعدم مرونة النظام نفسه، وضعف السوق المفتوحة لخصم الأوراق التجارية والزراعية، وبالجملة عدم انطباق هذا النظام تماما على حاجات البلاد.
وكان هذا التقرير أساس التعديل الذي أقره الكونجرس سنة 1913 للنظام الحالي المعروف ب
Federal Reserve System
المتبع الآن في الولايات المتحدة، ومن أهم أغراضه تدبير نظام مرن في إشراف دقيق وتنظيم عام مركز.
قسمت الولايات المتحدة بمقتضى هذا النظام الجديد إلى اثنتي عشرة منطقة، في كل منطقة منها مدينة هامة للاحتياطي بها بنك مركزي له مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء، ويتكون رأس ماله من اكتتاب تدفعه البنوك، وقد تساهم الخزانة العامة للدولة بمبلغ معين تأخذ به أسهما بناء على اقتراح من لجنة
Organisation Committee ، ولكن لوزير المالية أن يتصرف ببيع هذه الأسهم إذا لم تعد هناك حاجة إلى امتلاكها.
Página desconocida