(الخامس) في غزوة تبوك رواه الحازمي من طريق عباد بن كثير عن ابن عقيل عن جابر قال: ((خرجنا مع رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إلى عزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنية مما يلي الشام جاءنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برحالنا فسألنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ عنهن، فأخبرناه فغضب فحمد الله وأثنى عليه ونهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء، ولم تعد ولا نعود فيها أبدا، فسميت ثنية الوداع))، قال ابن حجر: وإسناده ضعيف وله شاهد عند ابن حبان والبيهقي من حديث أبي هريرة. وليس في القصة ما يدل على أن الاستمتاع وقع منهن في تلك الحال ، فيحتمل أن ذلك وقع قديما، وجاءت النسوة على ما ألفن منهم فوقع التوديع حينئذ، أو أنه وقع ممن لم يبلغه النهي بناء على بقاء الرخصة المتقدمة، ولذا وقع الغضب لأجل تقدم النهي على أن حديث جابر فيه عباد وهو متروك وحديث أبي هريرة فيه مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار وفيهما مقال".
(السادس) حجة الوداع رواه أبو داود من طريق الربيع بن سبرة، وقال أشهد على أبي أنه حدث عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أنه نهى عنها في حجة الوداع، والرواية عنه بأنها في غزوة الفتح وهي أصح وأشهر، فإن كان حديثا محفوظا فليس فيه أنه وقع الترخيص في حجة الوداع ثم نهى عنها بل مجرد النهي، فلعله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أراد تقرير النهي وتأكيده ليشيع ويسمعه من لم يبلغه ذلك، ويؤيده أن الصحابة رضي الله عنهم حجوا فيها بنسائهم بعد أن وسع عليهم فلم يكونوا في شدة يحتاجون معها إلى المتعة، وأيضا فحديث سبرة وقع عليه الاختلاف في تعيين الغزوة والحديث واحد في قصة واحدة فيتعين الترجيح، والطريق التي أخرجها مسلم مصرحة بأنها في زمن الفتح فيتعين المصير إليها.
قال النووي: "والصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريما مؤبدا، ولا مانع من تكرير الإباحة" وهو معنى ما تقدم عن الشافعي.
Página 5