75

El Océano de los fundamentos del derecho islámico

البحر المحيط في أصول الفقه

Editorial

دار الكتبي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ الْآمِدِيُّ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ مُمَيِّزَةً لَهُ عَمَّا سِوَاهُ فَلَيْسَتْ مُعَرِّفَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً فَذَلِكَ رَسْمٌ. وَهَذَا إنَّمَا يَرِدُ لَوْ أَحَالَا الرَّسْمَ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَالْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يُعَرَّفُ بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ كَغَيْرِهِ، فَقَالَ الْقُدَمَاءُ: هُوَ مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ. .
وَأُورِدَ بِأَنَّهُ تَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَبِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعِلْمِ، وَرُتْبَةُ الْمُشْتَقِّ فِي الْمَعْرِفَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ رُتْبَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَقَدْ أُخِذَ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ فَيَلْزَمُ مَا ذَكَرْنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ تَجَوَّزُوا فِي الْمَعْلُومِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَنْقُوضٌ بِعِلْمِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى مَعْرِفَةً إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ الْآمِدِيُّ، وَبِمَعْرِفَةِ الْمُقَلِّدِ إذْ لَيْسَتْ عِلْمًا، وَبِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَى مَا هُوَ بِهِ: إذْ الْمَعْرِفَةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْعِلْمُ، وَالْعِلْمُ إنَّمَا يَكُونُ مُطَابِقًا وَاحِدًا، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: مَعْرِفَةً، لَكَفَى. وَقِيلَ: ذُكِرَتْ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ، وَلِلْإِشَارَةِ إلَى نَفْيِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُودِ عِلْمٍ وَلَا مَعْلُومَ، وَهُمْ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ عَقِيلٍ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ وُجْدَانُ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ الْأُمُورَ بِحَقَائِقِهَا، وَهَذَا تَعْرِيفُ الْمَجْهُولِ بِمِثْلِهِ، أَوْ دُونِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ أَظْهَرُ مِنْ وُجْدَانِ النَّفْسِ أَوْ مِثْلِهِ.
ثُمَّ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ عِلْمِ اللَّهِ، وَغَيْرُ مَانِعٍ لِوُجْدَانِ الْمُقَلِّدِ، وَلَيْسَ بِعِلْمٍ

1 / 77