El Océano de los fundamentos del derecho islámico

Al-Zarkashi d. 794 AH
44

El Océano de los fundamentos del derecho islámico

البحر المحيط في أصول الفقه

Editorial

دار الكتبي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا مَادَّةً لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْأُصُولِ، وَهُوَ الْخِطَابُ دُونَ مَسَائِلِ الْأَخْبَارِ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالنَّسْخُ، وَالْقِيَاسُ، وَهِيَ مُعْظَمُ الْأُصُولِ. ثُمَّ إنَّ الْمَادَّةَ فِيهِ لَيْسَتْ عَلَى نَظِيرِ الْمَادَّةِ مِنْ الْكَلَامِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِهَا مَادَّةٌ لِفَهْمِ الْأَدِلَّةِ. وَأَمَّا الْفِقْهُ: فَلِأَنَّهُ مَدْلُولُ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ أَدِلَّتُهُ، وَلَا يُعْلَمُ الدَّلِيلُ مُجَرَّدًا مِنْ مَدْلُولِهِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي وَجْهِ اسْتِمْدَادِهِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ: إنَّ عِلْمَ أُصُولِ الْفِقْهِ فِيهِ أَلْفَاظٌ لَا تُعْلَمُ مُسَمَّيَاتُهَا مِنْ غَيْرِ أُصُولِ الدِّينِ لَكِنَّهَا تُؤْخَذُ مُسَلَّمَةً فِيهِ. عَلَى أَنْ يُبَرْهِنَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ، أَوْ تَكُونَ مُسَلَّمَةً فِي نَفْسِهَا. وَهِيَ الْعِلْمُ، وَالظَّنُّ، وَالدَّلِيلُ، وَالْأَمَارَةُ، وَالنَّظَرُ، لِأَنَّ لَفْظَ الطُّرُقِ يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَالْحُكْمُ أَيْضًا، إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خِطَابٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِالدَّلِيلِ فِي غَيْرِ أُصُولِ الدِّينِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْهُ غَيْرُ مَا عَدَّدْنَاهُ، فَهُوَ تَبَعٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الْعِلْمِ، لِيَتَوَقَّفَ مِنْهُ إذَنْ عَلَى بَعْضِهِ لَا عَلَى كُلِّهِ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ بَرْهَانٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ اسْتِمْدَادَ أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّسُولِ الَّذِي دَلَّ التَّكَلُّمُ عَلَى صِدْقِهِ، فَيُنْظَرُ فِي وَجْهِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْأَحْكَامِ. إمَّا بِمَلْفُوظِهِ، أَوْ بِمَفْهُومِهِ، أَوْ بِمَعْقُولِ مَعْنَاهُ وَمُسْتَنْبَطِهِ، وَلَا يُجَاوِزُ نَظَرُ الْأُصُولِيِّ ذَلِكَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ وَفِعْلَهُ. قَالَ: وَقَوْلُ الرَّسُولِ إنَّمَا يَثْبُتُ صِدْقُهُ وَكَوْنُهُ حُجَّةً مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ. وَهَذَا لَيْسَ بِمَرَضِيٍّ فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوجَدُ فِيهِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ مَعْرِفَةَ الْعِلْمِ، وَالظَّنَّ، وَالدَّلِيلَ، وَالنَّظَرَ وَغَيْرَهُ مِمَّا سَبَقَ. وَقَوْلُهُ بِأَنَّ نَظَرَ الْأُصُولِيِّ لَا يُجَاوِزُ قَوْلَهُ وَفِعْلَهُ مَمْنُوعٌ. فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِي الِاسْتِصْحَابِ وَالْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ، وَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِقَوْلِ الرَّسُولِ، وَلَا فِعْلَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَادَّةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: إسْنَادِيَّةٍ، مُقَوَّمَةٍ، فَالْمُقَوَّمَةُ دَاخِلَةٌ فِي أَجْزَاءِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتِهِ، وَهِيَ الْفِقْهُ، وَالْإِسْنَادِيَّة مَا اسْتَنَدَتْ إلَى الدَّلِيلِ، كَعِلْمِ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أُصُولَ

1 / 46