30

El Océano de los fundamentos del derecho islámico

البحر المحيط في أصول الفقه

Editorial

دار الكتبي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ بِمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبُ اللُّبَابِ ". مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: فَهْمُ الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ، فَلَا يُقَالُ: فَقِهْت أَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَنَا. قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى، وَلِهَذَا خَصَّصُوا اسْمَ الْفِقْهِ بِالْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي مَظِنَّةِ الْخَفَاءِ، فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: فَهِمْت أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُسَمَّ الْعَالِمُ بِمَا هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَقِيهًا، فَإِنْ احْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ﴾ [هود: ٩١] وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٧٨] . قُلْنَا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَهْمَ مِنْ الْخِطَابِ يُسَمَّى فِقْهًا، لَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِقْهًا إلَّا مَا مَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٧٩] وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْفَهْمِ مِنْ الْخِطَابِ، بَلْ عَدَمُ الْفَهْمِ مُطْلَقًا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، وَطُرُقُ الِاعْتِبَارِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ الْفَهْمِ: الْإِدْرَاكُ، لَا جُودَةُ الذِّهْنِ مِنْ جِهَةِ تَهْيِئَتِهِ لِاقْتِنَاصِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَطَالِبِ خِلَافًا لِلْآمِدِيِّ. [الذِّهْنُ] وَالذِّهْنُ: عِبَارَةٌ عَنْ قُوَّةِ النَّفْسِ الْمُسْتَعِدَّةِ لِاكْتِسَابِهَا الْحُدُودَ الْوُسْطَى وَالْآرَاءَ. وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: الْفَهْمُ عِبَارَةٌ عَنْ إتْقَانِ الشَّيْءِ، وَالثِّقَةِ بِهِ

1 / 32