191

El Océano de los fundamentos del derecho islámico

البحر المحيط في أصول الفقه

Editorial

دار الكتبي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ: أَنَّ الْعَقْلَ اُحْتِيجَ إلَيْهِ قَبْلَ الشَّرْعِ لِتَقْرِيرِ مُقَدِّمَاتِهِ فَالتَّوْحِيدُ، وَجَوَازُ الْبَعْثَةِ، وَالنَّظَرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ كَالثَّابِتِ لِلشَّرْعِ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا قَرَّرَهَا انْعَزَلَ وَصَارَ مَأْمُورًا بِامْتِثَالِ مَا يَصْدُرُ عَنْهَا، وَلِهَذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ الصَّادِقَ إذَا أَخْبَرَ خَبَرًا لَا يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ، وَتِلْكَ خَصِيصَةُ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ الَّتِي مَدَحَ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ. وَالْمُعْتَزِلَةُ لَمَّا قَلَّدُوا عُقُولَهُمْ أَنْكَرُوا عَذَابَ الْقَبْرِ، وَسُؤَالَ مُنْكِرٍ وَنَكِيرٍ، وَوَزْنَ الْأَعْمَالِ وَوَقَعُوا فِي عِقَالِ الضَّلَالِ حَيْثُ عَدَلُوا عَنْ قَوْلِ الْمَعْصُومِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ التَّأْكِيدُ وَالتَّأْسِيسُ كَانَ التَّأْسِيسُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً. وَنَظِيرُهُ: إذَا تَعَارَضَ حَدِيثَانِ وَأَحَدُهُمَا مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ نَاقِلٌ عَنْ حُكْمِهِ، وَالْآخَرُ مُوَافِقٌ لَهُ مُقَرِّرٌ لِحُكْمِهِ. هَلْ يُقَدَّمُ الْمُقَرِّرُ؛ لِأَنَّهُمَا دَلِيلَانِ يَعْضُدُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ النَّاقِلُ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ فَائِدَةً زَائِدَةً؟ قَوْلَانِ. الثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ مُلَازِمٌ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَعِنْدَنَا لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا. الرَّابِعُ: أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ عِنْدَنَا فَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ يَرْجِعَانِ إلَى كَوْنِ الْفِعْلِ مَأْمُورًا بِهِ وَمَنْهِيًّا عَنْهُ.
[الْعَقْلُ مُدْرِكٌ لِلْحُكْمِ لَا حَاكِمٌ]
تَنْبِيهٌ [الْعَقْلُ مُدْرِكٌ لِلْحُكْمِ لَا حَاكِمٌ] إدْرَاكُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِي الْقِيَاسِ أَوْ دُخُولُ الْفَرْعِ الْخَاصِّ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَقْلِ، فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعَقْلَ مُدْرِكٌ لِلْحُكْمِ، لَا أَنَّهُ حَاكِمٌ، وَكَذَلِكَ تَرَتُّبُ النَّتِيجَةِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَدْرَكَهُ الْعَقْلُ، وَلَا يُقَالُ: أَوْجَبَهُ

1 / 193