============================================================
177 إلا أنا نقول: التوكل على الله فريضة. والاكتساب لا يرفض التوكل، لأن التوكل من صفة القلب وهو الثقة بالله تعالى، والخوف والرجاء من الله تعالى، ورؤية الرزق الا من الله تعالى؛ لأن رؤية الرزق من الكسب كفر وضلال، ومن الله دين وشريعة.
الا ي دل عليه ما روي عن النبي أنه قال: "من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على عياله وتعطفا على جاره، جاء يوم القيامة وجهه كالقمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالا مفاخرا مكاثرا لقي الله تعالى ([يوم القيامة](1) وهو عليه غضبان"(2).
الايدل عليه أن النبي كان يدخر لنسائه قوت سنة (3).
وكذلك قوله تعالى: يكأيها الذينء امنوا أنفقوا من طيبكت ما كسبتر) [البقرة: 267] فلو كان الاكتساب حراما لما أمر الله تعالى بالإنفاق من المكسوب، وكذلك امره بايتاء الزكاة، فلو كان الاكتساب حراما لما أمر بإيتاء الزكاة.
ثم الدليل على أن الاكتساب من مال حلال ليس بحرام، أن الأنبياء كانوا متوكلين ال مكتسبين، لأن آدم عليه السلام كان زراعا، وإدريس عليه السلام كان خياطا، ونوخ عليه السلام كان نجارا، وإبراهيم عليه السلام كان بزازا، وموسى عليه السلام كان أجير ال شعيب عليه السلام، ومحمد عليه السلام كان غازيا، حتى روي في الخبر: "ابعثني الله تعالى (1) مابين المعقوفتين زيادة من (ب).
(2) أورده البيهقي في لاشعب الإيمان" (18:13)، وأبو نعيم في "الحلية" (8: 215) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) لم تكن هذا عادة النبي يلة في جميع أيامه وأوقاته، فالحالات تتغير تبعا لحالات الرخاء والشدة، فهناك أيام كان النبي يشد الحجر على بطنه الشريف من شدة الجوع، وهناك أيام سعة، مثلما أفاء الله على رسوله كلل في بعض الأوقات من خير وأموال وأقوات فكان النبي يدخر منها شفقة على أهل بيته، لا حرصا على الدنيا، حاشاه
Página desconocida