وفي عاشر شهر صفر وصل إلى الإمام إلى محروس ضوران محمد عامر، الذي سبق ذكره وذكر ما جرى بالحبشة منه، وتغلبه عليها، وإخراج عسكر السلطنة منها، حتى خرج عليه عمر باشا، فهرب في البحر من شدة الخوف والبأساء، وما زال يدور فيه وينظر هل بقي له مدخل أو من يناصره ويجانبه حتى لم يجد له ما يريد، ولم يقع إلا على الأمر الشديد، ثم إنه عاد ينظر هل يتم له السكون في أطراف بلاد سواكن أم لا؟ فوصل إلى حضرة الإمام، نابها من ذلك المنام[37/ب] قائدا نفسه باللجام، معرضا عن تلك المعارضة، مقهورا عن المناصبة، وفي صحبته قدر عشرين نفرا. وكان هذا محمد عامر له رياسة ونيابة من تحت نظر الباشا في مصوع وهو تركي، ووصل جماعة حول عشرين نفرا من حضرة الباشا عمر ببعض هدية للإمام، ومعهم أيضا واصل بكتاب من أمير المدينة يذكر الإمام طلب أوقاف الحرمين الشريفين الذي باليمن، قيل فأجاب الإمام: أنه ما يعلم بشيء من ذلك.
وفي هذا الشهر اتفق لرجل يقال أنه من بنى بنيان من صنعاء اليمن أنه سار إلى حضرة الإمام، للطلب منه والسؤال والرفد والنوال، فطال به المقام الكثير من الأيام، فانحرف مزاجه، وغلب عليه كلامه، واستحد به لسانه، وتبلبل بلباله، وذلك عقب صلاة الجمعة في الاجتماع من المسلمين والحضرة، وقام على قدميه كالخطيب يقول بأعلا صوته: هذا الإمام قد صار عطاه لمن أتى من الهند والعجم، وحرم من زكاة مدينة صنعاء لأمير الحاج، والفقراء حرموا منها، ولم يصر إليهم شيئا منها، ولكن سيرى سبب ذلك، وما تحركه من هنالك، ولا يكون آخر هذا أولاده مثل عيال شرف الدين. وسار المذكور ولم ينتظر لشيء، انتهى كلامه.
Página 345