Sistema Excepcional
بديع النظام (أو: نهاية الوصول إلى علم الأصول)
Investigador
سعد بن غرير بن مهدي السلمي
Editorial
رسالة دكتوراه (جامعة أم القرى)
Géneros
الخير دأبك اللهم، يا واجب الوجود؛ والفيض شعارك يا واسع الرحمة والجود، أنت الذي لاينقص فيضك العطاء، وكلتا يديك بالخير سحاء، لك النعمة السابغة، والحجة البالغة، وبعفوك عياذ العباد، ومنك المبدأ، وإليك المعاد، بعثت النبيين بالحق؛ فأقمت بهم الحجة، وأوضحت بهديهم المحجة، وخصصت محمدا سيد البشر بأنواع الكمالات، وختمت برسالته الرسالات، وقطعت بحجته العلل، ونسخت بملته الملل، اللهم فصل عليه صلاة تقف دونها نهايات الطلب، ويتبوأ بها أعلى المقامات والرتب واجعلنا اللهم ممن أرضاك باتباعه، وأخلص لك في قول الحق واستماعه، وأراد وجهك الكريم بما نقحه وصنفه واستصحب توفيقك فيما جمعه وألفه.
قد منحتك أيها الطالب، لنهاية الوصول إلى علم الأصول بهذا الكتاب البديع في معناه المطابق اسمه لمسماه، لخصته لك من كتاب الإحكام ورصعته بالجواهر
1 / 1
النفيسة من أصول فخر الإسلام فإنهما البحران المحيطان بجوامع الأصول، الجامعان
1 / 3
لقواعد المعقول، والمنقول، هذا حاو للقواعد الكلية الأصولية، وذاك مشحون بالشواهد الجزئية الفروعية.
وهذا الكتاب: يقرب منهما البعيد، ويؤلف الشريد، ويعبد لك الطريقين ويعرفك اصطللاح الفريقين، مع زيادات شريفة، وقواعد منقحة لطيفة، واختيار للفص واللباب، ورعاية للمذهب الذي هو أصل الباب، فما أجدرك بتحصيله، وتحقيق إجماله وتفصيله، والله الموفق لإدراك الأماني، واستجلاء أبكار المعاني.
وقد رتبته على أربع قواعد:
الأولى: في المبادئ.
والثانية: في الأدلة السمعية، وأقسامها وأحكامها.
والثالثة: في أحكام الإجتهاد، والمفتي والمستفتي.
والرابعة: في ترجيحات طرق المطلوبات.
1 / 4
القاعدة الأولى في المبادئ
حق على من حاول علما أن يتصوره بحده أو رسمه، ويعرف موضوعه، وغايته، واستمداده.
فأصول
1 / 5
الفقه علما:
[هو] العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
واستنباط الأحكام: فصل عن استنباط الصنائع.
والشرعية: عن العقلية.
والفرعية: عن مثل كون الأدلة حججا.
والتفصيلية: عن الإجمالية.
كالمقتضي والنافي.
1 / 6
واستغنينا بالاستنباط عن الاستدلالية.
وأما مضافا: فالأصول أدلة الفقه، وجهات دلالتها، وحال المستدل بها على وجه كلي.
والفقه: العلم بجملة غالبة من الأحكام الشرعية الفرعية الاستدلالية بالتفصيل.
وقولنا: بجملة غالبة فصل عن العلم بحكم، أو حكمين، وعن التعميم المشعر بأن ما دون جملة الأحكام لا يكون فقها.
والشرعية والفرعية: عما سبق.
والاستدلالية: عن علم الله تعالى، والملك، والرسول ﷺ، وبالتفصيل: عما سبق.
1 / 7
وموضوعه: الأدلة التي يبحث عن أقسامها، واختلاف مراتبها، وكيفية الاستثمار منها على وجه كلي.
وغايته: معرفة الأحكام الشرعية.
واستمداده: من الكلام، والعربية، والأحكام الشرعية.
أما الكلام: فلتوقف إفادة الأدلة لأحكامها على معرفة الله تعالى وصفاته، وأفعاله، وصدق الرسول ﷺ.
وأما العربية: فلتوقف معرفة دلالاتها على العلم بموضوعاتها لغة من الحقيقة والمجاز، وعلى العموم، والخصوص، والإطلاق، والتقيد، والحذف، والإضمار، والمنطوق، والمفهوم، والإقتضاء والإشارة، والصريح، والكتابة وغيرها.
وأما الأحكام: فلأن تلك الأدلة تتوقف على تصور الأحكا م بحقائقها لتقصد، وليتمكن من إيضاح المسائل بالشواهد، لاعلى العلم بثبوتها، لاستلزام الدور.
1 / 8
المبادئ الكلامية
لما انقسم الدليل إلى ما يفيد العلم، والظن بواسطة النظر احتيج إلى تصور الدليل، والنظر، والعلم والظن.
فالدليل [في اللغة]: الدال.
والذاكر للدليل.
وما فيه إرشاد.
و[الدليل] في الأصول: ما أوصل إلى العلم.
والأمارة: ما أوصل إلى الظن.
فعلى العرف الفقهي هو: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
فقيد: الإمكان ليدخل فيه ما لم يتوصل به لعدم النظر فيه مع الإمكان.
والصحيح: فصل عن الفاسد، والخبري: عن التصوري.
وعلى الأصولي: ما يمكن التوصل به إلى العلم بمطلوب خبري، فتخرج الأمارة.
والأول المختار لاندراجها.
والنظر:
1 / 9
الاعتبار، وحد: بأنه الفكر الذي يطلب به- من قام به -علما أو ظنا.
والفكر: حركة النفس من المطالب إلى مبادئها، ثم الرجوع عنها إليها.
وقيل: تصرف العقل في الأمور السابقة بالعلم -أو الظن المناسبة للمطلوب
1 / 10
-بتأليف خاص- لتحصيل ما ليس بحاصل، فهذا يعم التصوري، والتصديقي، والقطعي والظني.
وقيل: ترتيب أمور ذهنية، يتوصل بها إلى أمر ذهني، وما عرفت جهة دلالته على المطلوب فصحيح وإلا ففاسد.
والعلم:
1 / 11
قيل: لا يحد لعسره، بل يعرف بالقسمة.
ويرد عليه: إن لم تفد تمييزا لم تفد تعريفا، وإن أفادته فهو المراد بالحد.
وقيل: لأنه ضروري لأن ما عداه لايعلم إلا به، فلو علم فهو بغيره دار، ولأن علمنا بوجودنا ضروري، والعلم أحد تصورات هذا التصديق، وليس بسديد.
أما الأول: فلاختلاف الجهة، فإن جهة توقف غير العلم على العلم؛ من حيث الإدراك، وتوقف العلم على الغير من جهة كون ذلك الغير صفة مميزة له عن غيره، لا إدراكا.
وأما الثاني: فلعدم توقف التصديق البديهي على بداهة تصوراته، فإن المقطوع به: النسبة؛ وأيضا: فلا يلزم من حصول العلم بشئ -ضرورة- تصور العلم الخاص ليستلزم العام، ولا سبق تصوره.
وقيل: في حده: صفة توجب لمن اتصف بها تمييزا لا يحتمل النقيض في الخارج؛ وتوجب تمييزا: فصل عن مثل الحياة، وبعض الصفات المشروطة بها، ولايحتمل النقيض عن الظن.
وزاد: في الخارج، لئلا ينقض بالعلم العادي،
1 / 12
فإنه وإن احتمل عقلا لكنه لا يحتمل خارجا، وزاد من أخرج إدراك الحواس؛ في المعاني الكلية.
وينقسم إلى قديم وحادث.
والحادث إلى ضروري، ومكتسب.
والظن: ترجيح أحد الإحتمالين من غير قطع، وإذا تساويا فشك؛ والمرجوح وهم.
المبادئ اللغوية
لما علم الله سبحانه حاجة هذا النوع الشريف إلى إعلام بعضهم بعضا، ما في نفوسهم؛ لتحصيل بعض مقاصدهم -التي لا يستقل الواحد بتحصيلها- أقدره على تركيب المقاطع الصوتية، عناية به، فإنه من أخف الأفعال الإختيارية؛ مقدور عليه عند الحاجة من غير تعب، مستغنى عنه عند عدمها.
ومن اختلاف التركيب، حدثت العبارات، فما ليس منها موضوعا لمعنى: مهمل، وما وضع لمعنى: فالنظر: في أنواعه؛ وابتداء وضعه؛ وطريق معرفته.
1 / 13
والأول نوعان:
مفرد: وهو: مادل بالوضع على معنى ولاجزء له يدل على شيء من حيث هو جزؤه.
ومركب بخلافه، فبعلبك؛ وعبدالله علما: مفرد، وصفة: مركب.
ولا يرد: مثل ضارب، ومخرج -من حيث دلالة الألف والميم على الفاعل؛ والمفعول- لأنا نمنع دلالتهما.
بل المجموع هو الدال على شخص حاله ذلك.
تقسيم: ودلالة المفرد لفظية: وهي التي نفهم منها معنى غير خارج عن مسمى اللفظ.
فإما على تمام مسماه؛ وهي: المطابقة، أو جزئه وهي: التضمن.
1 / 14
وغير لفظية: وهي التي يفهم منها معنى خارج عن مسماه، وهي الإلتزام.
وشرطه: اللزوم الذهني، فإنه لو قدر عدم الإنتقال الذهني لا يفهم.
والخارجي ليس بشرط لحصول الإلتزام بدونه -كالعدم والملكة-
1 / 15
وقيل: لأن الجوهر والعرض متلازمان خارجا؛ ولا يستعمل أحدهما في للآخر، وفيه نظر، لأن عدم الإستعمال مع اللزوم الخارجي لا يدل على عدم اشتراطه.
تقسيم: وهو: إما أن يستقل بالمفهومية أولا.
والثاني: الحرف.
والأول: إما أن يدل على أحد الأزمنة الثلاثة ببنيته، وهو: الفعل، أولا؛ وهو: الإسم.
وقد علم بذلك حدودهما.
تقسيم؛ وهو ومفهومه: إما أن يتحدا، أو يتعددا؛ أو يتحد الإسم، ويختلف مسماه؛ أو بالعكس.
فالأول: إما أن يصح أن يشترك في مفهومه كثيرون بالفعل، أو بالقوة وهو الكلي، أولايصح وهو الجزئي الحقيقي.
والكلي: إن تساوى صدقه على ما تحته فمتواطئ، كالإنسان، وإن اختلف بشدة وضعف، أو تقدم وتأخر فمشكك، كالموجود والأبيض.
1 / 16
والثاني: المتباينة، كالإنسان والفرس.
والثالث: إن وضع للكل وضعا أولا فمشترك، كالعين؛ سواء تباينت المسميات، كالجون للسواد والبياض، أم لم تتباين، كالأسود على الأسود علما وصفة، فإن مدلوله -في العلمية- الذات، -وفي الإشتقاق- الذات مع الصفة.
فالمدلول -في العلم: جزؤ المدلول في المشتق.
ومدلوله -مشتقا- صفة لمدلول العلم.
وإن وضع لبعضها ثم استعير لغيره: فاستعماله في الموضوع حقيقة، وفي غيره مجاز.
والرابع: المترادفة: كالإنسان والبشر.
1 / 17
قاعدة: قد اصطلح قوم: على تسمية الكلي -الذي نسميه المطلق-
1 / 18
بالعام، والجزئي؛ بالخاص.
1 / 19
قالوا: اشتراك الأشخاص في الإنسانية.
وليس في مجرد الإسم، وليس وقوع الإنسان عليها، كوقوع زيد على جمع تسموا به، فإن زيدا لم يسم به، إلا لأنه هو؛ لا لمعنى كلي، يطابق كل زيد، ولو رأيت رجلا مجهول الإسم حكمت بأنه إنسان، ولم تحكم بأنه زيد، حتى تسأل عنه، فعلمت أنك -في هذا الحكم- متمثل صورة كلية مطابقة لكل إنسان، فساغ لك الحكم، ولم تتمثل من زيد صورة تطابق كل زيد لتحكم به.
فإذا عرفت الفرق -وأن وقوع اسم الليث على الأسد، لا يمنع الشركة؛ ووقوعه على شخص إنساني يمنعها؛ وأن مفهومه يختلف بالإعتبارين- عرفت أن العموم، إنما هو من عوارض المعاني، دون الألفاظ فإن اسم الليث واحد في المفهومين المختلفين، وقد صح العموم في أحدهما دون الآخر، فلولا اعتبار المعنى لتساويا في المنع وعدمه؛ لاتحاد الصيغة.
ويصح أن يقال: هو من عوارض الألفاظ؛ من حيث أنها ذوات معان؛ تطابق كثرة.
1 / 20
تحقيق: إذا قلنا مثلا: حيوان؛ فهناك أمور ثلاثة: من حيث هو.
وكونه كليا.
والمجموع.
والأول: موجود في الخارج؛ لأنه جزء الموجود فيه، دون الباقيين للزوم التشخص المانع من اعتبار الشمول.
والتكليف الشرعي ليس في الإعتبارات الذهنية.
فالحق: أن الدال على الماهية المفردة؛ كقوله تعالى: (فتحرير رقبة) مطلق؛ أي: دال على واحد في الخارج غير عين؛ لا عام بمعنى الشمول المعنوي؛ لعدم تصور عتق رقبة؛ مع اعتبار كليتها لعدم وجودها في الأعيان.
وقولنا: وجود الأخص يستلزم وجود الأعم.
معناه: من حيث هو؛ لا من حيث أنه كلي، وليس معنى قولنا: من حيث هو: أن يكون مجردا عن العوارض.
فإن المجرد [الكلي الطبيعي، لأن المنطقي والعقلي لا يوجدان في الخارج، فالتكليف بهما تكليف بالمستحيل.] هو بشرط لا شيء، ومن حيث هو معناه، لا بشرط شيء، ولا يلزم من الوجود، لا بشرط شيئ الوجود بشرط لا شيء.
تخلص:
فنحن قائلون: بالعموم المعنوي عقلا، ومانعون من التكليف به شرعا.
فتسمية الكلي -في الأصول- بالمطلق: هو الحق، فإن التكليف بالمطلق ممكن -فإنه موجود- وإن توقف وجوده على المشخصات، وليس التكليف به من حيث أنه كلي ممكنا لعدم وجوده في الخارج مطلقا.
قاعدة: والكلي: وإن كان أعم من الجزئي، فإن عدم الكلي أخص
1 / 21