هو ضاحك الأسنان لما أن بكت ... عين السماء ودمعها مدرار
فتراه يبسم عن ثنايا فضة ... تبدو إليك لثاتهن نضار
وشقائق النعمان قمص أشبعت ... في حمرة فلها بذا إيثار
وكأنها وسط البقاع وقد علت ... قضبان آس في ذراها نار
وإذا تأملت البهار تأملا ... أيقنت أن المسك منه معار
قضب الزمرد مورقات فضة ... ولها النضار مخلصا نوار
والنرجس الغض الأنيق يغض أل ... حاظا مراضا مالها أشفار
مترقرق بحباب طل مثلما ... بدرت دموع للمحب غراز
واعجب لخيري الرياض فإنما ... هو بين أنوار الرياض خيار
بالليل للسمار ينشر نشره ... لينال ردع نسيمه السمار
فإذا أضاء الصبح أخفى نشره ... وتمزقت من دونه الأوطار
والسوسن الفيان صفه فإنه ... غض تكاد تذيبه الأبصار
وكأنما صرف اللجين بروده ... منه شعار لاصق ودثارا
وإذا دنا للأنف من مستنشق ... فله به من ردعه آثار
وإذا ذكرت الورد فاعلم أنه ... للنور أجمع في الرياض منار
متدثر بغلائل حمر الحلى ... تنجاب دون جيوبه الأزرار
طيب لأنفاس النفوس ومنظر ... للعين إلا أنه غرار
أما وصفه البهار فهو كوصف أبي عمر القسطلي له، ويمكن أن يأخذه أو يوافقه، وقول أبي عمر فيه: [المتقارب]
غصون الزمرد قد أورقت ... لنا فضة نورت بالذهب
وسيأتي في بابه مع أشكاله وأمثاله.
وأنشدني أبو بكر بن نصر وصفا مستحسنا في نواويره [عدة] وأزاهير [جملة] موصولا بمدح ذي الوزارتين القاضي_أيد الله يده، وحصد من حصده_وهو من جملة قصيد مطول: [الطويل]
وقد راقني من يانع النور فاقع ... وقان وأحوى حالك اللون أسوده
غلائل خيري وأقباء سوسن ... وقمصان نسرين يروق توقده
وكم سبط للنور يسطع نوره ... تمر به ريح الصبا فتجعده
إذا الأقحوان الغض أبدى تبسما ... تبدى من الورد النضير تورده
ويزهى الشقيق العصفري بلونه ... إذا فاقع الحوذان جاد تولده
وما الخرم الكحلي إلا كأنه ... من الحسن طرف جال في الجفن إثمده
ومن نرجس نضر يروقك دره ... وياقوته السامي به وزبرجده
وكم للربيع نورا منورا ... تنتجه أيدي الحيا وتولده
كما ولد الإفضال في حمص والندى ... سليل ابن عباد الجواد
ليعتمد الوراد بحر يمينه ... فذلك بحر طامح الموج مزبده
1 / 14