قال في العدد التاسع منه في صفحة تسعة وسبعين في استلفات ولي عهد الخليفة لدرك اللغة العربية الشريفة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ، فإنا ننصح إليك يا سيدنا رشاد أفندي أن تستجمع عنايتك ، وتكذ بمجامع فكرتك في تحصيل اللغة العربية دون غيرها من اللغات ، لتتواصل بها إلى معرفة أسرار الدين ، وفقه معاني التنزيل ، فلا تحتاج في تصرفاتك إلى مترجمين خائنين ، لأنهما نقيصة شائنة ، ومذلة في الدين واضحة باينة ، فقد بلغنا أن العامل العظيم من الأتراك إنما هو الذي يحرز العديد من اللغات الأعجمية ، ولا عار عليه في جهله اللغة العربية ، لذلك فإنهم لم يتذوقوا طعم الإيمان ولم يتلذذوا بثمرات القرآن ، فهم بذلك أعضاء أشداء تسامح لهم القدر في السادة على المسلمين بلا استحقاق ، وتقذروا موقف العيد ، وأنفوا من كلمة التوحيد ، لأن كلمة التوحيد لا تنفع إلا بعد الامتناع من الشبهات ، والامتناع عن الشبهات لا ينفع إلا بالورع ، وأهل الورع لا يأكلون إلا ما حصدوا ، ولا يحصدون إلا ما زرعوا من حلال ، ورجال لوائكم المنصور - إلا من رحم ربي - قد حركوا من نشاط البطنة ، وهمة الفرج على أرائك القصور ، ما تجاوزوا به حد الاعتدال من ارتكاب الفضائع في بيع البلاد ، واتخاذ عباد الله خولا ، ومال الله دولا ، وتطرق الحرص على هذا الترف في أخلاقهم ، ونشأ عن ذلك ملا يمكن اجتنابه إلا بطردهم من تلك المناصر ، أو تحل عليهم قارعة من قوارع السماء وهم على أغفل ما يكونون ، لأن الفطام عن المألوف ، وكذا العرب الملتفون حولكم قد يظهر أنهم نسوا العربية وأصبحوا أعجاما يسخرون منها ، لا يختلفون في مشاربهم وأخلاقهم عن أولئك الموصوفين ، فالله سائلهم طويلا .
Página 41