قال النبهاني في الفصل الرابع عشر من إرشاده : ما هي يا ترى الفوائد التي حصلها ابنك أيها المسلم من تلك المدارس النصرانية ، في مقابلة تضييعه دينه ، وشرفه وحميته ، وغيرته على ملته ودولته وبعد صيرورته بقلبه عدوا لإخوانه المسلمين ، وأوليائه الموحدين ، بل عدو لآبائه وأجداده الذبن مضوا ناجين حائرين لشرف هذا الدين كما صار صديقا محبا لأعداء دينه وملته وجنسيته ودولته ، ينشر مناقبهم وستر مثالبهم ، ويحسن قبائحهم ، ويقدم على مصالح ملته ودولته مصالحهم ، فمن الفائدة التي حصلها في مقابلة ذلك إلا إحدى اللغات الإفرنجية ، وشيئا قيلا من مبادئ العلوم ، التي علمه بها لم يخرجه من كونه جاهلا ، مع إمكان تعلمها وأكثر منها بإتقان وسلامة إيمان في مدارس المسلمين ، وما مثلك أيها الأب الجاهل في إضاعتك دين إبنك وشرفه ، واستعواضه عنها بما استعوض مما ذكر ، إلا كما أضاع أعظم الجواهر نفاسة وقيمة حتى استفاد عوضها فلوسا قليلة أترى ذلك يعد عاقلا كلا والله ، بل هو مجنون قد ابتلى بأعظم بلاء ، ومجذوم أصيب بأقبح داء ، بل ما فقده أعظم من الأرض والسماء ، وما وجده أقل من الذر والهباء ، ولا يحفى ذلك على كل فرد من أفراد المسلمين العقلاء ، وإن خفي على ألئك الجهلة الفساق المراق الأغبياء ، الذين قد فعلوا بأولادهم ومهج أكبادهم في إدخالهم هذه المدرسة ما لا يفعل أكثر منه الأعداء بالأعداء .
Página 11