فهبني اعتذرت عما نسبت إليهم من الجبن، ورجعت عما وصفتهم به من الخوف، أتراني لا أنعتهم بضيق الحيلة، وضعف الوسيلة، وأنهم لا يعرفون من القول إلا أظهره، ومن الشعر إلا أشهره، وأن مقاتلهم بادية، ومطاعنهم ظاهرة، حتى لا سلامة لحياتهم، إلا بسكوتهم، ولا داعي لحتفهم، غير نطقهم.
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت
فدل عليها صوتها حية النهر
لعلك يا صديقي تذكر ما فعل الأعرابي الأسير، ولعلك تذكر ما أرسل الرجل مع عبديه، إلى طفلتيه، وما قال القبعثري للحجاج، وما أجاب به عبد المسيح خالد بن الوليد، ثم لعلك ولعلك ...
أتريد يا صديقي أن لا تكون لنا شخصية معروفة، وأن لا يعثر القارئ في الآداب العربية على طرفة أبدعناها، أو بدعة أحدثناها، كأن القول لا يخرج من التصريح، إلى التلميح، وكأن الزمن لم يلجئنا إلى الإشارة بعد العبارة، أو كأننا لا نعرف مقامات الكلام، ومقتضيات الخصام.
لك يا صديقي أن تعتذر عن إخوانك، وعلي أن أشكر لك هذه الغيرة، ولكن حذار أن تظن أنا عملنا كل ما يمكن، وفعلنا كل ما يستطاع.
ولقد عجبت من قولك: «إن لك بيانا ولسانا، فإن قلت قلنا، وإن سكت سكتنا»، كأنك تحسبني ألومكم ولا ألوم نفسي.
ألا فلتعلم وليعلم إخوانك، أن التبعة واقعة علي وعليكم، وأننا جميعا في جنب الوطن مفرطون، ولمجد النيل ناسون.
ما أنصفتك جفوني وهي دامية
ولا وفى لك قلبي وهو يحترق
Página desconocida