Bellezas y Curiosidades
البدائع والطرائف
Géneros
نجيب :
من أنا وما أنا لأبقى خالدا؟
العلوية :
أنت أنت. وأنت كل شيء؛ لذلك ستبقى خالدا.
نجيب :
إني أعلم طبعا، يا سيدتي، أن الذرات التي تتألف منها وحدتي الهيولية ستبقى ببقاء الهيولي. ولكن، أباقية، يا ترى، هذه الفكرة التي أدعوها أنا؟ أباقية هذه اليقظة الضئيلة الممنطقة بالهجوع؟ أباقية هذه الفقاقيع الملتمعة بنور الشمس وأمواج البحر التي ولدتها هي هي الأمواج التي تمحوها لتولد غيرها؟ أباقية هذه الأماني والآمال والأوجاع والأفراح؟ أباقية هذه الأوهام المرتعشة في هذا النوم المتقطع في هذا الليل الغريب بعجائبه، الهائل باتساعه وعمقه وعلوه؟
العلوية (ترفع عينيها إلى العلاء كأنها تتناول شيئا من جيوب الفضاء، وتقول بلهجة إيجابية ملؤها العزم والمعرفة والخبرة) :
كل موجود باق، ووجود الموجود دليل على بقائه، أما الفكرة وهي العلم بكليته، إذ لولاها لما علم العالم موجودا كان أو غير موجود، فهي كيان أزلي أبدي خالد لا يتغير إلا ليتجوهر، ولا يختفي إلا ليظهر بصورة أسنى، ولا ينام إلا ليحلم بيقظة أبهى.
ولقد عجبت لمن يثبت بقاء الذرات في الغلافات الخارجية التي تتصورها حواسنا، ولكنه ينكر ما جعلت الغلافات من أجله. عجبت لمن يقرر خلود العناصر التي تتألف منها العين، ولكنه يشك بخلود النظر الذي اتخذ العين آلة له. عجبت لمن يثبت أبدية المسببات ولكنه يحتم باضمحلال الأسباب. عجبت لمن تشغله المظاهر المكونة عن المكون المظهر. عجبت لمن يقسم الحياة إلى شطرين فيؤمن بالشطر المدفوع ويجحد الشطر الدافع.
عجبت لمن ينظر إلى تلك الجبال والسهول المغمورة بنور الشمس، ثم يصغي إلى الهواء متكلما بألسنة الأغصان، ثم يتجرع عطر الأزهار والرياحين، وبعد ذلك يقول لنفسه: لا ولن يزول ما أراه وأسمعه، لا ولن يضمحل ما أعرفه وأشعر به. ولكن، هذه الروح العاقلة التي ترى فتتهيب وتتأمل، وتسمع فتفرح وتكتئب؛ هذه الروح التي تشعر فترتعش وتنبسط، وتعلم فتكتئب وتتحقق؛ هذه الروح التي تحيط بكل شيء سوف تضمحل اضمحلال الفقاقيع على وجه البحر، وتزول زوال الظل أمام النور.
Página desconocida