73

Maravillas de los Beneficios

بدائع الفوائد

Editorial

دار الكتاب العربي

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

moderno
يسمع إذا أخفينا " رواه البخاري ومسلم والترمذي ولم يقولوا أترون الله يرانا فكان تقديم السمع أهم والحاجة إلى العلم به أمس وسبب ثالث وهو أن حركة اللسان بالكلام أعظم حركات الجوارح وأشدها تأثيرا في الخير والشر والصلاح والفساد بل عامة ما يترتب في الوجود من الأفعال إنما ينشأ بعد حركة اللسان فكأن تقديم الصفة المتعلقة به أهم وأولى وبهذا يعلم تقديمه على العليم حيث وقع تقديم السماء على الأرض وأما تقديم السماء على الأرض ففيه معنى وهو أن السموات والأرض تذكر غالبا في سياق آيات الرب الدالة على وحدانيته وربوبيته ومعلوم أن الآيات في السموات أعظم منها في الأرض لسعتها وعظمها وما فيها من كواكبها وشمسها وقمرها وبروجها وعلوها واستغنائها عن عمد تقلها أو علاقة ترفعها إلى غير ذلك من عجائبها وما فيها كقطرة في سعتها ولهذا أمر سبحانه بأن يرجع الناظر فيها البصر كرة بعد كرة ويتأمل استواءها واتساقها وبراءتها من الخلل والفطور فالآية فيها أعظم من الأرض وفي كل شيء له آية سبحانه وبحمده وأما تقديم الأرض عليها في قوله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ﴾ وتأخيرها عنها في سبأ فتأمل كيف وقع هذا الترتيب في سبأ في ضمن قول الكفار: ﴿لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي اْلأَرْضِ﴾ كيف قدم السموات هنا لأن الساعة إنما تأتي من قبلها وهي غيب فيها ومن جهتها تبتديء وتنشأ ولهذا قدم صعق أهل السموات على أهل الأرض عندها فقال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ وأما تقديم الأرض على السماء في سورة يونس فإنه لما كان السياق سياق تحذير وتهديد للبشر وإعلامهم أنه سبحانه عالم بأعمالهم دقيقها وجليلها وأنه لا يغيب عنه منها شيء اقتضى ذلك ذكر محلهم وهو الأرض قبل ذكر السماء فتبارك من أودع كلامه من الحكم والأسرار والعلوم ما يشهد أنه كلام الله تعالى وأن مخلوقا لا يمكن أن يصدر منه مثل هذا الحكم أبدا تقديم المال على الولد وأما تقديم المال على الولد فلم يطرد هذا التقديم في القرآن الكريم بل قد جاء مقدما كذلك في قوله: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ

1 / 74