257

Maravillas de los Beneficios

بدائع الفوائد

Editorial

دار الكتاب العربي

Edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

moderno
وهدى الزوجين من كل حيوان إلى الازدواج والتناسل وتربية الولد وهدى الولد إلى التقام الثدي عند وضعه وطلبه مراتب هدايته سبحانه لا يحصيها إلا هو فتبارك الله رب العالمين وهدى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتا ومن الشجر ومن الأبنية ثم تسلك سبل ربها مذللة لها لا تستعصي عليها ثم تأوي إلى بيوتها وهداها إلى طاعة يعسوبها واتباعه والائتمام به أين توجه بها ثم هداها إلى بناء البيوت العجيبة الصنعة المحكمة البناء ومن تأمل بعض هدايته المثبوتة في العالم شهد له بأنه الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم وانتقل من معرفة هذه الهداية إلى إثبات النبوة بأيسر نظر وأول وهلة وأحسن طريق وأخصرها وأبعدها من كل شبهة فإنه لم يهمل هذه الحيوانات سدى ولم يتركها معطلة بل هداها إلى هذه الهداية التي تعجز عقول العقلاء عنها كيف يليق به أن يترك النوع الإنساني الذي هو خلاصة الوجود الذي كرمه وفضله على كثير من خلقه مهملا وسدى معطلا لا يهديه إلى أقصى كمالاته وأفضل غاياته بل يتركه معطلا لا يأمره ولا ينهاه ولا يثبه ولا يعاقبه وهل هذا إلا مناف لحكمته ونسبته له مما لا يليق بجلاله ولهذا أنكر ذلك على من زعمه ونزه نفسه عنه وبين أنه يستحيل نسبة ذلك إليه وأنه يتعالى عنه فقال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ فنزه نفسه عن هذا الحسبان فدل على أنه مستقر بطلانه في الفطر السليمة والعقول المستقيمة وهذا أحد ما يدل على إثبات المعاد بالعقل وأنه مما تظاهر عليه العقل والشرع وكما هو أصح الطريقين في ذلك ومن فهم هذا فهم سر اقتران قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ بقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ وكيف جاء ذلك في معرض جوابهم عن هذا السؤال والإشارة به إلى إثبات النبوة وأن من لم يهمل أمر كل دابة في الأرض ولا طائر

2 / 36