135

Maravillas de los Beneficios

بدائع الفوائد

Editorial

دار الكتاب العربي

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

moderno
مَا تَعْبُدُونَ﴾ يعني الآن ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ أنا الآن أيضا ثم قال: ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾ يعني ولا أنا فيما يستقبل يصدر مني عبادة لما عبدتم أيها الكافرون وأشبهت ما هنا رائحة الشرط فلذلك وقع بعدها الفعل بلفظ الماضي وهو مستقبل في المعنى كما يجيء ذلك بعد حرف الشرط كأنه يقول مهما عبدتم من شيء فلا أعبده أنا فإن قيل: وكيف يكون فيها الشرط وقد عمل فيها الفعل ولا جواب لها وهي موصولة فما أبعد الشرط منها قلنا لم نقل أنها شرط نفسها ولكن فيها رائحة منه وطرف من معناه لوقوعها على غير معين وإيهامها في المعبودات وعمومها وأنت إذا ذقت معنى هذا الكلام وجدت معنى الشرط باديا على صفحاته فإذا قلت لرجل ما تخالفه في كل ما يفعل أنا لا أفعل ما تفعل ألست ترى معنى الشرط قائما في كلامك وقصدك وأن روح هذا الكلام مهما فعلت من شيء فإني لا أفعله وتأمل ذلك من مثل قوله تعالى: ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ كيف تجد معنى الشرطية فيه حتى وقع الفعل بعد من بلفظ الماضي والمراد به المستقبل وأن المعنى من كان في المهد صبيا فكيف نكلمه وهذا هو المعنى الذي حام حوله من قال من المفسرين والمعربين أنه كان نبيا بمعنى يكون لكنهم لم يأتوا إليه من بابه بل ألقوه عطلا من تقدير وتنزيل وعزب فهم غيرهم عن هذا للطفه ودقته فقالوا كان زائدة والوجه ما أخبرتك فخذه عفوا لك عزمه وعلى سواك غرمه إلا على من في الآية قد عمل فيها الفعل وليس لها جواب ومعنى الشرطية قائم فيها فكذلك في قوله ولا أنا عابد ما عبدتم وهذا كله مفهوم من كلام فحول النحاة كالزجاج وغيره فإذا ثبت هذا فقد صحت الحكمة التي من أجلها جاء الفعل بلفظ الماضي من قوله: ﴿وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾ بخلاف قوله: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ لبعد ما فيها عن معنى الشرط تنبيها من الله على عصمة نبيه أن يكون له معبودا سواه وأن يتنقل في

1 / 136