Maravillas de los Beneficios
بدائع الفوائد
Editorial
دار الكتاب العربي
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
moderno
فانظر كيف جعل فعل الشرط ماضيا والجزاء مستقبلا لأن القصد كان إلى دخولهم المسجد الحرام وعنايتهم كلها مصروفة وهممهم معلقة به دون وقوع الأفعال بمشيئة الله تعالى فإنهم لم يكونوا يشكون في ذلك ولا يرتابون وأكد هذا المعنى تقديم الجزاء على الشرط وهو إما نفس الجزاء على أصح القولين دليلا كما تقدم تقريره وإما دال على الجزاء وهو محذوف مقدر تأخيره وعلى القولين فتقدم الجزاء أو تقديم ما يدل عليه اعتناء بأمره وتجريدا للقصد إليه ويدل عليه أيضا تأكيده باللام المؤذنة بالقسم المضمر كأنه قيل والله لتدخلن المسجد الحرام فهذا كله يدلك على أنه هو المقصود المعنى به ومثل هذا قوله تعال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ ونحوه: ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ ومثله: ﴿لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ وهذا أصل غير منخرم وفيه نكتة حسنة وهي اعتماد الكلام في هذا النوع على القسم كما رأيت فحسن الإتيان بلفظ الماضي إذ القسم أولى به لتحققه ولا يكون الإلغاء مستشنعا فيه لأنه مبني ولما كان الفعل بعد حرف الجزاء يقع بلفظ الماضي لما ذكرناه من الفائدة حسن وقوع المستقبل المنفي بلم بعدها نحو: وإن لم تنتهوا وهما جازمتان ولا يجتمع جازمان كما لا يجتمع في شيء من الكلام عاملان من جنس واحد ولكن لما كان الفعل بعدها ماضيا في المعنى وكانت متصلة به حتى كأن صيغته صيغة الماضي لقوة الدلالة عليه بلم جاز وقوعه بعد إن وكان العمل والجزم لحرف لم لأنها أقرب إلى الفعل وألصق به وكان المعنى في الاستقبال لحرف أن لأنها أولى وأسبق فكان اعتبارها في المعنى واعتبار لم في الجزم ولا ينكر إلغاء أن هنا لأن ما بعدها في حكم صيغة الفعل الماضي كما لا ينكر إلغاؤها قبله وقد أجازوا في إن النافية من وقوع المستقبل بعدها بلفظ الماضي ما أجازوا في إن التي للشرط كما قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ﴾ ولو جعلت مكان إن هاهنا غيرها من حروف النفي لم يحسن فيه مثل هذا لأن الشرطية أصل للنافية كأن المجتهد في النفي إذا أراد توكيده يقول إن كان
1 / 107