الأمر انما يستلزم ثبوت المثبت له فى نفس الأمر مطلقا ، سواء كان فى الخارج أو فى الذهن تفصيلا أو اجمالا وثبوتها فى الذهن إجمالا لا يكفى فى التطبيق على ما يخفى.
وأما ثالثا فلان الاعتذار المذكور لو تم لتم من جانب اكثر المتكلمين المنكرين للوجود الذهنى مع ان الإشكال مشترك الورود بين جميع المتكلمين والحكماء.
ثم أورد على الحكماء ان الدليل جار فى الحركات الفلكية والنفوس الناطقة البشرية والحوادث اليومية مع أنها غير متناهية عندهم.
فأجابوا عن الأول ، بأن ما لا يجتمع فى الوجود معدوم قطعا فلا يجرى فيه التطبيق كما فى مراتب العدد.
وفيه انه يكفى فى التطبيق وجود الأجزاء فى الجملة ولو متعاقبة كما لا يخفى. ولهم فى التفصى عن الثاني جواب يفضى ايراده إلى إطناب لا يليق بشرح هذا الكتاب. وانت تعلم ان خلاصته وهى اشتراط الترتب جارية فى دفع النقض بمراتب العدد ، إذ لا ترتب فيها أيضا فلا تغفل.
واعلم انه يتجه على ذلك الدليل انا لا نسلم انه لو لم يوجد بإزاء كل جزء من الأولى جزء من الثانية يلزم تناهى الناقصة ، لجواز أن يكون إحدى الجملتين أنقص من الأخرى مع كون كل منهما غير متناهية لا بد لنفى ذلك من دليل ، ودعوى البداهة غير مسموعة.
ثم أقول بعد لزوم تناهى الناقصة لا حاجة الى اثبات تناهى الزائدة بالمقدمات المذكورة. لأنه إنما يحتاج إلى ذلك لو كانت الجملة الثانية خارجة عن الأولى ، وأما اذا كانت داخلة فيها من جانب عدم التناهى كما فيما نحن فيه فتناهى الناقصة هو تناهى الزائدة بعينه ، فلا حاجة إلى ذلك على ما لا يخفى.
لا يقال : إذا كان الاجتماع فى الوجود شرطا فى بطلان التسلسل عند الحكماء لم يتم دعوى بطلانه فيما نحن فيه على رأيهم ، لجواز أن يكون الممكنات المتسلسلة متعاقبة فى الوجود لا مجتمعة ، مع ان هذا الدليل واقع على رأيهم. لانا نقول : اتفق الحكماء على ان علة الحدوث علة البقاء وهو الحق المختار عند المحققين ، وحينئذ لا بد أن يكون تلك
Página 88