La Puerta del Lección

Al-ʿAllama al-Hilli d. 726 AH
106

كلية منحصرة فيها ، لأنها متغيرة والعلم بالمتغير متغير ، فلو كان عالما بها من حيث هى جزئيات يلزم التغيير فى ذاته تعالى وهو محال.

والجواب عنه بوجهين :

الأول ، أنه تعالى لما لم يكن مكانيا كان نسبته الى جميع الامكنة على سواء فليس فيها بالقياس إليه قريب وبعيد ومتوسط ، كذلك لما لم يكن هو وصفاته زمانية لم يتصف الزمان مقيسا إليه بالمضى والحالية والاستقبالية ، بل كان نسبته على جميع الأزمنة على سواء ، وهى من الأزل الى الأبد بالقياس إليه بمنزلة نقطة الحال ، والموجودات فيها معلومة له فى كل وقت ، وليس فى علمه تعالى كان وكائن وسيكون ، بل هى حاضرة عنده فى أوقاتها فهو عالم بخصوصيات الجزئيات وأحكامها ، لكن لا من حيث دخول الزمان فيها بحسب أوصافها الثلاثة ، إذ لا يتحقق لها بالنسبة إليه ، ومثل هذا العلم يكون ثابتا مستمرا لا يتغير أصلا ، وان كان معلومه متغيرا كالعلم بالكليات.

الثاني ، أنه إنما يلزم التغير فى إمر اعتباري هو تعلق العلم بتلك الجزئيات المتغيرة وهو ليس بمحال ، وإنما المحال هو التغير فى صفة موجودة فيه وهو ليس بلازم.

ثم المشهور أن ذلك القول مذهب الفلاسفة وقد شنع عليه المتاخرون حتى العلامة الطوسى مع توغله فى الانتصار لهم ، وربما ينقل عنه ان من نسب هذا القول إليهم لم يفهم معنى كلامهم ، وذلك لأن الجزئيات المادية معلولة له تعالى وهو عاقل لذاته عندهم ، ومذهبهم ان العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول فكيف يتصور منهم نفى كونه تعالى عالما بها.

وقال بعض المحققين نفى العلم بالجزئيات من حيث هى جزئيات لا يستلزم نفى العلم بها مطلقا ، بل هم قائلون بأنه تعالى عالم بها بوجوه كلية. فالاختلاف فى نحو الإدراك لا فى أصله وذلك لا ينافى مذهبهم.

أقول : فيه نظر ، لانه إنما يتم إذا كان العلم بالشيء أعم من أن يكون بذاته أو بأمر صادق عليه ، كما هو المشهور بين الجمهور ، وأما إذا كان مختصا بالصورة الأولى فإن المعلوم

Página 112