فتبسم فؤاد وأسرع إليه شعوره بالارتياح وقال: أحسنت إذ جلوت أمر الصورة لي، فقد كدت أذهب مع ظنوني حيث تسرح بي.
فاستأنف سعيد قوله: كنا ليلة نتحدث في الفن فقلت لأختي: إن الفنان يصور ما يراه وليس ما يبدو للأعين أمامه، فهو يترجم الطبيعة ولكنه لا ينقلها نقلا.
وكانت علية أختي تراجعني وتزعم أنها كبرياء أصحاب الفن هي التي تخيل إليهم أنهم فوق البشر وأنهم يخلقون ويبتدعون، ثم انتهى بها الأمر إلى التحدي فطلبت إلي أن أرسم لها صورة لترى هل هي صورتها كما تحسب أو أنها في الحق من خلقي أو ترجمتي.
وذهبنا في اليوم التالي إلى شاطئ البحر، فرسمت تلك الصورة لها.
فقال فؤاد: إذن فأنت لم تأت بشيء من عندك كما قلت لك، إنها واقفة على صخرة والبحر من دونها.
فقال سعيد: ولكنها منذ رأت الصورة آمنت برأيي، فقد كانت لا تحسب أن تلك صورتها.
فقال فؤاد في حماسة: إنها صورة رائعة.
فأجاب سعيد باسما: دع هذه الأوصاف يا فؤاد، فإن الألفاظ لا يمكن أن تعبر عن معاني الفن تعبيرا صحيحا، ولست أدري ماذا تعني عندما تقول: إن تلك الصورة رائعة.
فقال فؤاد: فكيف تريد أن أصفها؟
فرفع سعيد كتفيه قائلا: لا أدري، هذه صورة أختي كما رأيتها، ولا يهمني بعد ذلك كيف تصفها ولا كيف يصفها الناس سواك.
Página desconocida