186

وكان الفتى مضطربا قبل أن يلقى السلطان لقصة كانت له معه حين كان رئيسا للجامعة، وكان صاحبنا طالبا فيها.

انعقد في مصر مؤتمر للمكفوفين في سنة من تلك السنين، واهتم له سكرتير الجامعة أحمد زكي «بك»، فألقى فيه حديثا وقدم إليه كتابا عربيا قديما ينبئ فيما يظهر بأن العرب قد سبقوا إلى اختراع الكتابة البارزة.

وفي ذات مساء كان الفتى يسعى إلى غرفة الدرس، وإذا رجل يأخذ بمجامع جبته وقفطانه ويقول له في لغة ملتوية: تعرف أن في مصر الآن مؤتمرا منعقدا يبحث في شئون العميان!

قال الفتى في عنف: وما أنا وذاك؟!

قال الرجل: تلقي فيه خطبة.

قال الفتى: لن ألقي شيئا.

فخلاه الرجل ومضى وهو يقول: مش فاهم، مش فاهم.

ولم يكد الفتى يبلغ غرفة الدرس حتى أحاط به ثلاثة أو أربعة من أعضاء مجلس إدارة الجامعة وجعلوا يسألونه: أتعرف من حدثك؟

قال الفتى: لا أعرفه، ولا يعنيني أن أعرفه.

قال قائل منهم وهو يضع يده على كتف الفتى: إنه أفندينا الأمير! إنه رئيس الجامعة، فلا أقل من أن تجيبه في أدب حين يتحدث إليك.

Página desconocida