Mis Documentos … Mi Vida (Primera Parte)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Géneros
أخرج في الصباح الباكر إلى المدرسة، تدق ساعة الحائط الكبيرة في الصالة الواسعة ست دقات، تفتح طنط فهيمة عينيها: الساعة ستة، اصحي يا نوال، أرتدي ملابسي بسرعة، أخرج دون فطور، أمشي شارع الزيتون حاملة حقيبة المدرسة، أجري لألحق بالقطار، من النافذة أقرأ أسماء المحطات، محطة «سراي القبة»، السور الأحمر الضخم، سراي الملك، الحدائق الخضراء الواسعة، الزهور، المحطة بعدها «منشية الصدر»، البيوت المتهدمة، جدرانها ملطخة بالدخان الأسود، حبال الغسيل في النوافذ والبلكونات تهتز مع اهتزازات القطار، «كوبري الليمون»، أهبط في محطة كوبري الليمون، أهبط إلى ميدان باب الحديد، أجتاز الميدان؛ حيث تمثال نهضة مصر الذي نحته محمود مختار (1891م-1934م)، انتقل إلى الجيزة أمام الجامعة، انتصب مكانه رمسيس الثاني.
أركب الترام من باب الحديد حتى محطة السيدة زينب، السور الحجري «السنية»، أدخل من الباب الأسود المشقق والجرس يدق، أجري إلى الطابور.
الرحلة من البيت إلى المدرسة بالقطار والترام تستغرق ساعتين، أخرج في السادسة والنصف لأصل إلى المدرسة في الثامنة والنصف، في الشتاء يتأخر النهار، شارع الزيتون في الصباح الباكر معتم مثل الليل، أجري لا أتوقف حتى محطة القطار.
ساقاي طويلتان تساعدان في الجري، استعدت صحتي في بيت الزيتون، الشمس تدخل من كل النوافذ، الهواء محمل برائحة الورد والزهور، الغرفة المعتمة في بيت عمي سقطت في العدم، سجلتها في الكشكول الأزرق، مفكرتي السرية.
أول يناير 1945م، الأمس كان الاحتفال برأس السنة الجديدة، خالي زكريا كان في الحفل الكبير في بيت عمه طاهر بيه في شارع الملك، أخي طلعت كان معه، طنط نعمات كانت في بيت عمتها بدور هانم في حدائق القبة، طنط فهيمة كانت في حفل مع زميلاتها في المدرسة، خالي يحيى خرج مع زملائه الموظفين في مصلحة السكة الحديد.
بقيت وحدي في البيت الكبير الموحش، لم أذهب مع أخي إلى بيت جدي طاهر، لا أحب الذهاب إلى هذا البيت، طنط يلدز وطنط دولت وخالي ممدوح، لا أحب الثلاثة، طنط يلدز ترمقني بعينيها الخضراوين، تشمخ بأنفها، تنطق الكلمات الفرنسية، لا أفهم ما تقول.
طنط دولت تضع ساقا فوق ساق، تسألني من طرف أنفها عن اسمي واسم مدرستي، خالي ممدوح يفتح حقيبتي دون إذن، ينظر فيها ويقول بصوت كالفحيح: «البنات دائما يخبوا حاجات حلوة في شنطهم.» أشد منه الحقيبة، أخشى أن يأخذ منها مفكرتي السرية.
يشدها مني ويجري إلى غرفته، أجري وراءه أشدها منه، في غرفته يحاول أن يقبلني، أدفعه بعيدا بذراعين قويتين، عظامي القوية تنقذني منه.
خالي ممدوح طالب في الجامعة مثل خالي زكريا، ضعيف العظام، نحيف الجسم، عيناه ضيقتان مستديرتان غائرتان، عينا صقر ضعيف أو فأر، ليس في عينيه نظرة حب أو إعجاب، يستعرض أمامي ما يملك. الولاعة الذهبية يشعلها بخبطة واحدة، علبة السيجارة في يده يدق بها سطح العلبة، سلسلة المفاتيح من الذهب، يحركها بين أصابعه كالسبحة، مفتاح السيارة الصفراء الصغيرة يركنها أمام الباب الخارجي، يسد بها الباب، الداخلون أو الخارجون يتأكدون أنها سيارته وليست للجيران، يعجز خالي ممدوح عن إقامة حوار معي، يظن أنني كالبنات من عائلة شكري بيه أو طاهر بيه، أن السيارة تبهرني أو المقتنيات الذهبية.
كنت محصنة ضد مظاهر الثراء، ورثت عن أبي احتقاره للأثرياء، صوته في أذني: حذاء مملوء بالفلوس!
Página desconocida