إنما أضرب على أوتار نفسك ألمسها بأفكاري ونظراتي وأشواقي، وبأفراح المعرفة الغرامية وآلامها، وأخرج من ذلك أنغام حبي التي هي رسائلي!
وإذا كنت أنا المتكلم فمعنى ذلك أنك أنت المتكلمة بي، وفنك يا موسيقى الجمال هو في تركيبك الجميل، وانطوائك به على أسرارك، ولكني فني إنما هو في لمساتي عنفا ورقة،
3
وكلماتي كالأزهار تخلق فيها مادة ألوانها وأعطارها وديباجها؛ لأن أرواح أغراسها تنسكب فيها، وحين يلقي الشعاع كلمته الغرامية في قلب كل شجرة من ذوات الزهر، تفكر الشجرة مدة ثم تزهر وتتفتح، أي تجيب بأسلوب نسائي في ظرف ورقة ولون وعطر وحرير وتبرج.
ولست أشك أن الجمال في هذا الوجود مظهر مؤنث، حتى إن معرفة الأسد
4
لتظهر كشعر امرأة ... ومن ذلك ما تبدو الأشياء الجميلة في خيال العاشق المتدله كأنما في كل نظرة أنثى ... أنثى جعلت قلبها نحوه.
5
إن لم تغلبني على الكون يا حبيبتي فقد غلبت على نظرتي إليه! فكل جمال في الكون هو رسالة منك إلي، وبذلك أصبحت للعالم خلقة أخرى في مخيلتي، عليها أثرك الغرامي، وكأنما نحن عنصران منبثان في كل ما حولنا فما نمس شيئا أو ننظر شيئا إلا وضعنا فيه روحانية القلب.
ولن يكون الحب عشقا ما لم يرتفع بالنفس عن ذاتها، ولا تسمو النفس عن ذاتها ما لم يعل نظرها إلى الأشياء، والنظر الإنساني لا يعلو بشيء إلا إذا ألبسه معناه الإلهي. •••
Página desconocida