قال: «ماذا يقول المستر باوندرباي؟» وظل يكرر هذه العبارة، طوال الطريق، حتى وصلوا إلى ستون لودج، وهو يقود الأولاد إلى البيت. كان يكرر من وقت إلى آخر قوله: «ماذا يقول المستر باوندرباي؟»
الباب الرابع
المستر باوندرباي
من هو المستر باوندرباي؟
هو رجل غني: صاحب مصرف، وتاجر، وصانع ...
رجل كبير الجسم، عالي الصوت، لضحكته رنين، ينظر إليك نظرة شديدة. يتكون جسمه من مادة، يبدو أنها مدت لتجعله ضخما، يفخر دائما بأنه كون نفسه بنفسه. يقرر بصوته الجهوري الشبيه بصوت البوق النحاسي أنه كان في صباه فقيرا وجاهلا.
يصغر المستر باوندرباي صديقه العملي، المستر جرادجرايند، بسنة أو بسنتين، ولكنه يبدو أكبر منه سنا .. سقط كل شعره، ولم يبق منه سوى القليل. قد يخيل إلى المرء أنه محا شعره بكثرة كلامه. ربما كان الشعر الباقي في رأسه غير مرتب إذ تهب عليه باستمرار مباهاته بصوت عال، كأنه إعصار.
وقف المستر باوندرباي على البساط أمام وطيس حجرة الجلوس في ستون لودج، يتحدث مع مسز جرادجرايند، فيقول: «كنت حافي القدمين، وأنا طفل، ليس عندي حذاء. أما الجورب، فلم أعرف اسمه. كنت أقضي نهاري خارج البيت، وأنام ليلا مع الخنازير. هكذا قضيت عيد ميلادي العاشر.»
كانت مسز جرادجرايند، حزمة صغيرة من الملابس الرفيعة البيضاء، حمراء العينين. إنها ضعيفة الجسم والعقل، تتناول الدواء باستمرار، دون أية جدوى، وكلما أبدت علامة ما تدل على أنها حية، هزمتها قطعة عظيمة من الحقيقة. - «وهكذا، ها أنا ذا في يوم عيد ميلادي، يا مسز جرادجرايند، لا أشكر عليه أحدا غير نفسي.»
تمنت مسز جرادجرايند أن والدته ...
Página desconocida