Ayuda del Siervo
عون المعبود شرح سنن أبي داود
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1415 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Ciencia del Hadiz
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
بِدَفْعِ هَذَا الِاحْتِمَال
نَعَمْ لَوْ أَنَّ النَّبِيّ قَالَ هَذَا اللَّفْظ اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سُؤَال لَانْدَفَعَ هَذَا الِاحْتِمَال
الرَّابِع أَنَّ حَاجَة الْأُمَّة حَضَرهَا وَبَدْوهَا عَلَى اِخْتِلَاف أَصْنَافهَا إِلَى مَعْرِفَة الْفَرْق بَيْن الطَّاهِر وَالنَّجِس ضَرُورِيَّة فَكَيْف يُحَالُونَ في ذلك على مالا سَبِيل لِأَكْثَرِهِمْ إِلَى مَعْرِفَته فَإِنَّ النَّاس لَا يَكْتَالُونَ الْمَاء وَلَا يَكَادُونَ يَعْرِفُونَ مِقْدَار الْقُلَّتَيْنِ لَا طُولهمَا وَلَا عَرْضهمَا وَلَا عُمْقهمَا فَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاء نَجَاسَة فَمَا يُدْرِيه أَنَّهُ قُلَّتَانِ وَهَلْ تَكْلِيف ذَلِكَ إِلَّا مِنْ بَاب عِلْم الْغَيْب وَتَكْلِيف مَا لَا يُطَاق فَإِنْ قِيلَ يَسْتَظْهِر حَتَّى يَغْلِب عَلَى ظَنّه أَنَّهُ قُلَّتَانِ قِيلَ لَيْسَ هَذَا شَأْن الْحُدُود الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهَا مَضْبُوطَة لَا يُزَاد عَلَيْهَا وَلَا يُنْقَص مِنْهَا كَعَدَدِ الْجَلَدَات وَنُصُب الزَّكَوَات وَعَدَد الرَّكَعَات وَسَائِر الْحُدُود الشَّرْعِيَّة
الْخَامِس أَنَّ خَوَاصّ الْعُلَمَاء إِلَى الْيَوْم لَمْ يَسْتَقِرّ لَهُمْ قَدَم عَلَى قَوْل وَاحِد فِي الْقُلَّتَيْنِ فَمِنْ قَائِل أَلْف رِطْل بِالْعِرَاقِيِّ وَمِنْ قَائِل سِتّمِائَةِ رِطْل وَمِنْ قَائِل خَمْسمِائَةِ وَمِنْ قَائِل أَرْبَعمِائَةِ
وَأَعْجَب مِنْ هَذَا جَعْل هَذَا الْمِقْدَار تَحْدِيدًا فَإِذَا كَانَ الْعُلَمَاء قَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَدْر الْقُلَّتَيْنِ وَاضْطَرَبَتْ أَقْوَالهمْ فِي ذَلِكَ فَمَا الظَّنّ بِسَائِرِ الْأُمَّة وَمَعْلُوم أَنَّ الْحُدُود الشَّرْعِيَّة لَا يَكُون هَذَا شَأْنهَا
السَّادِس أَنَّ الْمُحَدِّدِينَ يَلْزَمهُمْ لَوَازِم بَاطِلَة شَنِيعَة جِدًّا
مِنْهَا أَنْ يَكُون مَاء وَاحِد إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْب تَنَجَّسَ وَإِذَا بَالَ فِيهِ لَمْ يُنَجِّسهُ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّعْرَة مِنْ الْمَيْتَة إِذَا كَانَتْ نَجِسَة فَوَقَعَتْ فِي قُلَّتَيْنِ إِلَّا رِطْلًا مَثَلًا أَنْ يَنْجُس الْمَاء وَلَوْ وَقَعَ رِطْل بَوْل فِي قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسهُ وَمَعْلُوم أَنَّ تَأَثُّر الْمَاء بِهَذِهِ النَّجَاسَة أَضْعَاف تَأَثُّره بِالشَّعْرَةِ فَمُحَال أَنْ يَجِيء شَرْع بِتَنَجُّسِ الْأَوَّل وَطَهَارَة الثَّانِي
وَكَذَلِكَ مَيْتَة كَامِلَة تَقَع فِي قُلَّتَيْنِ لَا تُنَجِّسهَا وَشَعْرَة مِنْهَا تَقَع فِي قُلَّتَيْنِ إِلَّا نِصْف رِطْل أَوْ رِطْلًا فَتُنَجِّسهَا إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِم الَّتِي يَدُلّ بُطْلَانهَا عَلَى بُطْلَان مَلْزُومَاتهَا وَأَمَّا جَعْلكُمْ الشَّيْء نِصْفًا فَفِي غَايَة الضَّعْف فَإِنَّهُ شَكّ من بن جُرَيْجٍ
فَيَا سُبْحَان اللَّه يَكُون شَكّه حَدًّا لَازِمًا لِلْأُمَّةِ فَاصِلًا بَيْن الْحَلَال وَالْحَرَام وَالنَّبِيّ قَدْ بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ الدِّين وَتَرَكَهُمْ عَلَى الْمَحَجَّة الْبَيْضَاء لَيْلهَا كَنَهَارِهَا فَيَمْتَنِع أَنْ يُقَدِّر لِأُمَّتِهِ حَدًّا لَا سَبِيل لَهُمْ إِلَى مَعْرِفَة إِلَّا شَكّ حَادِث بَعْد عَصْر الصَّحَابَة يَجْعَل نِصْفًا اِحْتِيَاطِيًّا وَهَذَا بَيِّن لِمَنْ أَنْصَفَ
وَالشَّكّ الْجَارِي الْوَاقِع مِنْ الْأُمَّة فِي طَهُورهمْ وَصَلَاتهمْ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ حُكْمه لِيَنْدَفِع عَنْهُمْ بِالْيَقِينِ فَكَيْف يُجْعَل شَكَّهُمْ حَدًّا فَاصِلًا فَارِقًا بَيْن الْحَلَال وَالْحَرَام ثُمَّ جَعْلكُمْ هَذَا اِحْتِيَاطًا بَاطِل لِأَنَّ الاحتياط يكون في الأعمال التي يترك التكلف مِنْهَا عَمَلًا لِآخَر اِحْتِيَاطًا وَأَمَّا الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَالْإِخْبَار عَنْ اللَّه وَرَسُوله فَطَرِيق الِاحْتِيَاط فِيهَا أَنْ لَا يُخْبِر عَنْهُ إِلَّا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ وَلَا يُثْبِت إِلَّا مَا أَثْبَتَهُ
ثُمَّ إِنَّ الِاحْتِيَاط هُوَ فِي تَرْك هَذَا الِاحْتِيَاط فَإِنَّ الرَّجُل تَحْضُرهُ الصَّلَاة وَعِنْده قُلَّة
1 / 87