Ilusiones de la Mente
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Géneros
مثال ذلك أنه في كل عملية تكون أو تحول لجسم من الأجسام فإن علينا أن نسأل: ما الذي يفقد أو يتبدد؟ وما الذي يبقى أو يضاف؟ ما الذي يتمدد وما الذي ينكمش؟ ما الذي يتحد وما الذي يفترق؟ ما المتصل وما المنقطع؟ ما الذي يدفع وما الذي يصد؟ ما الذي يسود وما الذي ينزوي؟ وكثير من مثل هذه الأشياء.
هنا أيضا لا تتوقف التساؤلات عند حالات تكون الأجسام أو تحولها، بل علينا في جميع حالات التحور والتبدل أن نتساءل بالمثل: ما الذي يسبق وما الذي يلحق؟ ما السريع وما البطيء؟ ما الذي يقدح الحركة وما الذي ينظمها؟ وما إلى ذلك، غير أن كل هذه الأشياء لا تعرفها ولا تحاولها العلوم في وضعها الحالي البليد البائر، فإذا كان كل فعل طبيعي هو نتاج جزيئات دقيقة لا متناهية الصغر (أو على الأقل أصغر من أن تدركها الحواس) فلا يأملن أحد في السيطرة على الطبيعة أو تعديلها دون أن يفهم هذه الدقائق ويتخذ الوسائل الملائمة لملاحظتها. (7) كذلك فإن دراسة وكشف «البنية الكامنة»
latent structure
في الأجسام هو شيء جديد، مثله مثل كشف «العملية الكامنة»
latent process
و«الصورة»
form . ومن الواضح أننا حتى الآن كنا نتلكأ في ردهات الطبيعة، ولم نلج بعد إلى غرفاتها الداخلية، ولكنك لا تستطيع أن تضفي طبيعة جديدة على جسم ما أو أن تنجح في تحويله على نحو ملائم إلى جسم جديد دون أن تكون على دراية جيدة بكيفية تغيير الجسم وتحويله، وإلا فسوف تخب في إجراءات غير مجدية (أو صعبة ومرتبكة على أقل تقدير)؛ لأنها غير ملائمة لطبيعة الجسم الذي تعمل عليه؛ فهنا أيضا لا بد لك من أن تفتح الطريق وأن تمهده.
من الواضح أن جهدا كبيرا ومفيدا قد بذل في تشريح الأجسام العضوية (مثل أجسام البشر والحيوانات)، وهذا الفرع من البحث يبدو دقيقا وينم عن تفحص جيد في الطبيعة، غير أن هذا النوع من التشريح يجرى على مستوى ما هو مرئي ومدرك بالحواس، ولا يلائم إلا الأجسام العضوية، كما أنه واضح وقريب المأخذ إذا قورن بالتشريح الحقيقي للبنية الكامنة في الأجسام التي تعتبر متماثلة، وبخاصة الأشياء التي لها نفس الطابع في كل أجزائها كالحديد والحجر، أو الأجزاء المتجانسة للنبات والحيوان، مثل: الجذر والورقة والزهر واللحم والدم والعظم ... إلخ. على أن الجهد البشري لم يهمل تماما هذا النوع من التشريح، فلدينا مثال منه في فصل الأجسام المتماثلة بواسطة التقطير والطرق الأخرى للإذابة؛ ليتبين عدم تجانس مركب ما من خلال اتحاد الأجزاء المتجانسة، هذا شيء نافع ويسهم في بحثنا وإن كان نتاجه خادعا في كثير من الأحيان؛ إذ إن كثيرا من الطبائع تنسب إلى المادة المستخلصة كما لو كانت موجودة من قبل في المركب، بينما الحقيقة أن النار والحرارة والمذيبات الأخرى تسبغ عليها طبيعة إضافية جديدة. على أي حال فحتى هذا لا يعدو أن يكون جزءا يسيرا من العمل اللازم لاكتشاف البنيات الحقيقية في المركبات، وهي أشياء أخفى وأدق بكثير، بحيث إن تأثير اللهب يغشي عليها ولا يظهرها، ويحجبها ولا يجلوها.
لذا فإن فصل وحل الأجسام ينبغي ألا يجرى بالنار، بل بالعقل والاستقراء الصحيح،
84
Página desconocida