Primeros del Otoño: La Historia de una Dama Elegante

Louis Bromfield d. 1450 AH
33

Primeros del Otoño: La Historia de una Dama Elegante

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Géneros

وهناك أيضا ذكرى ذلك اليوم الذي سقط فيه آنسون بينتلاند، الصبي الجبان، الضعيف، الأشبه باللورد الصغير فنتلوري، في النهر وكان سيغرق لولا ابنة عمه سابين، التي سحبته وأخرجته وهو يصرخ ومبتل تماما بالماء، لتتلقى هي كل اللوم والتوبيخ؛ لأنها قادته إلى التصرفات الشقية. وكذلك الأوقات التي عوقبت فيها لأنها طرحت أسئلة صريحة وبسيطة لم يكن ينبغي لها طرحها.

كان من الصعب أن تتذكر أي سعادة حتى اليوم الذي توفي فيه والدها وأرسلت إلى نيويورك، فتاة في العشرين من عمرها، خبرتها بالحياة ضئيلة جدا ولا تعرف أي شيء عن أمور من قبيل الحب والزواج، لتعيش مع عم لها بمنزل ضيق مرتفع السقف في حي موراي هيل. كان هذا هو اليوم (كانت ترى هذا الآن بمنتهى الوضوح وهي تقف تراقب قدوم العمة كاسي) الذي بدأت فيه حقا حياتها. فحتى ذلك الحين كان وجودها مجرد أمر مشوش وموجع ليس فيه سوى القليل جدا من السعادة. ولم تدرك الحقيقة إلا لاحقا، على نحو مؤلم، بل ومأساوي، من خلال سلسلة من الأحداث التي حولتها ببطء إلى هذه المرأة القاسية، المحنكة، المتشائمة التي وجدت نفسها، دون أن تعرف السبب، تعود مرة أخرى للعالم الذي كانت تكرهه، وتقف في نافذة منزل «بروك كوتيدج»، امرأة يعذبها فضول شديد ومفعم بالحياة للغاية بشأن الناس والتشابكات الغريبة التي تفرضها عليهم حياتهم أحيانا.

كانت تقف في النافذة تفكر في الماضي بانهماك شديد لدرجة أنها نسيت تماما قدوم العمة كاسي وفزعت فجأة عندما سمعت نبرة الصوت الفضولية الرقيقة المألوفة، التي كان من المدهش أنها لم تتغير، تنادي من الرواق قائلة: «سابين! عزيزتي سابين! أنا عمتك كاسي! أين أنت؟» وعندئذ شعرت كأنها لم تغادر دورهام على الإطلاق، وكأن شيئا لم يتغير في عشرين عاما.

عندما رأتها السيدة العجوز، تقدمت وهي تصيح بصوت مرتعد لتطوق بذراعيها ابنة أخي زوجها الراحل. كان سلوكها أشبه بسلوك راعي غنم يستقبل شاة ضالة، سلوك مليء بالعفو والشفقة والتعاطف. ترقرقت الدموع في عينيها بمنتهى السهولة وانهمرت على وجهها.

سمحت سابين، بفتور، بأن تعانق، وقالت: «لكنك لا تبدين أكبر سنا ولو بيوم واحد أيتها العمة كاسي. تبدين أقوى من أي وقت مضى.» حددت هذه الملاحظة بطريقة ما الشكل الكامل للعلاقة بينهما، ملاحظة، على الرغم من أنها بدت ودية، بل وتنطوي على مجاملة، كان من القسوة قولها لامرأة اعتزت طيلة حياتها بفكرة الاعتلال. وكان من القسوة قولها أيضا لأنها كانت صحيحة. فحينما كانت العمة كاسي في السابعة والأربعين من عمرها، كانت بنفس القدر من الضعف والوهن الذي كانت عليه الآن، بعد مرور عشرين عاما.

قالت المرأة العجوز: «فتاتي العزيزة، أنا بائسة ... بائسة.» وبعد أن جففت الدموع المنهمرة على وجهها أضافت قائلة: «لن يمر وقت طويل قبل أن أمضي لألحق بالسيد سترازرس العزيز.»

أرادت سابين فجأة أن تضحك؛ إذ تخيلت العمة كاسي وهي تدخل الجنة برفقة زوج اعتادت دوما على مناداته، رغم حميمية الحياة الزوجية، ب «السيد سترازرس.» ظلت تفكر في أن السيد سترازرس قد لا يجد لم الشمل هذا ممتعا كما توقعت زوجته. كان لديها دوما اعتقاد غريب بأن السيد سترازرس قد آثر الموت باعتباره أفضل مخرج.

وشعرت فجأة بإحساس دافئ بعودة الذكريات؛ إحساس أثاره شغف العمة كاسي بالمغالاة في تعبيراتها. لم تستطع العمة كاسي مطلقا أن تحمل نفسها على أن تقول بكل بساطة: «سأموت»، معتقدة أن ذلك ليس صحيحا على الإطلاق. كان يجب أن تقول: «أمضي لألحق بالسيد سترازرس العزيز.»

قالت سابين: «أوه، لا ... أوه، لا ... لا تقولي ذلك.» «لم أعد أنام. بالكاد أغمض عيني في الليل.»

كانت قد جلست وأخذت تتفرس فيها، وتفحص كل شيء في الغرفة، التغييرات التي أجراها أوهارا البغيض، والأثاث الذي كان قد اشتراه للمنزل. ولكن الأهم من ذلك كله أنها كانت تتفرس في سابين، وتختلس النظر إليها بنظرات جانبية خبيثة؛ أما سابين، فلأنها كانت تعرفها جيدا، فأدركت أن السيدة العجوز كانت قد أصيبت بصدمة عنيفة. كانت قد جاءت مستعدة لأن ترى سابين كسيرة وحزينة، لكنها بدلا من ذلك وجدت هذه المرأة الرقيقة، القوية والمعتزة بنفسها، التي تبدو غاية في الأناقة والاتزان، بداية من الشعر الأصهب اللامع (ذلك الشعر الأصهب الناعم الذي ظنت العمات ذات يوم أنه بشع للغاية) وحتى الصندل الجلدي في قدمها؛ امرأة من الواضح أنها كانت قد أحكمت سيطرتها على الحياة وأخضعتها لقوتها، وكانت بطريقة ما في غاية الكمال. «طوال السنوات التي كنت فيها بعيدة يا سابين لم ينسك عمك العزيز أبدا ولو للحظة. لقد مات وترك لي أمر رعايتك.» ومرة أخرى انهمرت الدموع الغزيرة من عينيها. (قالت سابين في قرارة نفسها: «أوه، لن تتمكني من الإيقاع بي بهذه الطريقة. لن أسمح لك بحبسي مرة أخرى في سجن الماضي. لن تنالي حتى مجرد فرصة للتدخل في حياتي.»)

Página desconocida