Primeros del Otoño: La Historia de una Dama Elegante

Louis Bromfield d. 1450 AH
23

Primeros del Otoño: La Historia de una Dama Elegante

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Géneros

لكنها لم تكن قد تزوجت ثانية قط؛ إذ كانت قد ظلت السيدة ماكونيل الجميلة الثرية من مدينة شيكاغو حتى ذلك اليوم المأساوي (أوضح ذكرى من ذكريات أوليفيا كلها وأفظعها على الإطلاق) حين وافتها المنية فجأة إثر إصابتها بالحمى في قرية إيطالية نائية وحقيرة، ولم يكن معها ليعتني بها أحد سوى ابنتها (فتاة ذات سبعة عشر ربيعا) ومعالج محتال وسائق سيارتها الروسي.

ووصل سيل الذكريات المشوشة وغير المبهجة على الإطلاق إلى الذروة في منزل كئيب مبني من الطوب الأحمر مطل على ميدان واشنطن سكوير، حيث كانت قد ذهبت إلى هناك بصفتها فتاة يتيمة لتعيش في كنف خالة صارمة وقاسية كانت تؤمن بأن العالم كله يتمحور حول بلدة لينوكس، ووادي نهر هدسون، وميدان واشنطن سكوير - خالة لم تكن قد تحدثت مطلقا مع والد أوليفيا، لأنها، مثل آنسون والعمة كاسي، كانت متحاملة على الرجال الأيرلنديين الذين يظهرون فجأة من العدم، وينخرطون في الحياة، ويتمتعون بالحيوية والنشاط والروح المعنوية المرتفعة.

هكذا، في سن الثامنة عشرة وجدت نفسها وحيدة في هذه الدنيا إلا من خالة قاسية الطبع، بلا أصدقاء باستثناء أولئك الذين كانت قد تعرفت عليهم وهي طفلة على الشواطئ وفي المتنزهات، والذين لم يعد بوسعها أن تتذكر أسماءهم. وكان العالم الثابت الوحيد الذي عرفته هو عالم الخالة التي كانت تتحدث بلا انقطاع عن روعة مدينة نيويورك الفخمة التي كانت تفوح منها رائحة الكافور والتي لم يعد لها وجود.

الآن، كانت أوليفيا ترى كل شيء بوضوح. أدركت السبب الذي جعلها ترى آنسون بينتلاند، حين جاء لزيارة خالتها ذات ليلة، رجلا أنيقا ومذهلا، ولحضوره على العشاء القدرة على تحويل غرفة الطعام المصنوعة من خشب الجوز وخشب الماهوجني إلى مكان رائع. كان من نوعية الرجال الذين تصفهم الفتيات ب «رجل أكبر سنا»، وكان يتملقها بأدبه واهتمامه. كان قد اصطحبها، برفقة الخالة، لمشاهدة عرض مسرحي لفرقة «المدينة»، وهو لا يدري أن عدم الاحتشام الذي سيتكشف هناك سيجبرهم على الرحيل قبل انتهاء المسرحية. وخرجوا في أمسية أحد أيام الخميس (استطاعت حتى أن تتذكر اليوم بعينه) وما زالت تبتسم عندما تتذكر اعتقادهم بأن فتاة قضت حياتها كلها في أروقة الفنادق الأوروبية لا ينبغي أن تعرف ما الذي كانت تدور حوله المسرحية.

ثم انتهى الأمر بدعوتها إلى زيارة إلى منزل عائلة بينتلاند ... إلى منزل عائلة بينتلاند، حيث وجدت عالما لم تكن قد عرفته من قبل قط، عالما غضا وهادئا وآمنا؛ حيث تعامل معها الجميع بلطف مبالغ فيه لأسباب لم تعرفها إلا بعد فترة طويلة. ولم يخبروها أبدا بالحقيقة بخصوص والدة آنسون، المرأة العجوز التي تعيش في عزلة بالجناح الشمالي من المنزل. قالوا إنها كانت مريضة جدا في الوقت الحالي ولا تقوى على مقابلة أي أحد. في ذلك اليوم البعيد بدا منزل عائلة بينتلاند، للفتاة المرهقة العديمة الأصدقاء، مثل فراش أخضر فسيح ووثير يمكنها أن تلقي بنفسها عليه وتستريح إلى الأبد، عالم يمكنها فيه أن تكون صداقات وترسي جذورا من شأنها أن تشعرها بالأمان على الدوام. لفتاة اعتادت الإقامة في الفنادق، كان منزل عائلة بينتلاند جنة؛ لذا حين طلب آنسون بينتلاند يدها للزواج، وافقت عليه لأنها لم تجده منفرا حقا.

والآن، وبعد مرور كل هذه السنين، عاد الربيع من جديد ... كان الربيع هو الوقت الذي أتت فيه إلى منزل عائلة بينتلاند لأول مرة، والآن بلغت التاسعة والثلاثين من عمرها ولا تزال شابة؛ بيد أن كل شيء قد تغير. •••

شيئا فشيئا، في السنوات التي أعقبت ولادة سيبيل ثم جاك، اتخذت الصورة الإجمالية للحياة مع عائلة بينتلاند والمنزل الحجري البني اللون في شارع بيكون ستريت نمطا معينا، تشكلت من الانطباعات الأولى المشوشة والمبهمة؛ بحيث أنها، عند استرجاعها للذكريات، بدأت تدريجيا تفهم الأمر بوضوح بالغ نابع من تحررها من الوهم.

رأت نفسها شابة خجولة عاملها الجميع بلطف مبالغ فيه لأنه من الضروري جدا لآنسون أن يجد زوجة وينجب وريثا ... آنسون آخر نسل الذكور لعائلة عريقة مثل عائلة بينتلاند. (عائلة بينتلاند ومستعمرة خليج ماساتشوستس.) رأت نفسها كما لا بد وأنهم قد رأوها ... شابة جميلة، أسرتها معاملتهم اللطيفة، غريبة على عالمهم ولكنها كانت على الأقل جذابة وراقية وثرية جدا. (عرفت الآن إلى أي مدى كان المال حتما مهما عند العمة كاسي.) ورأت آنسون الآن، عبر كل هذه السنوات، ليس على هيئة أمير وسيم جاء لينقذها من يد خالتها الغولة، وإنما على حقيقته ... رجلا يعاني من فقر دم، تجاوز الثلاثين من عمره، ويمتلك لباقة رائعة. (كانت ثمة سخرية مريرة في ذكريات محاولاته المترددة للتقرب منها، والنفور الذي تناول به تفاصيل الزواج ... سخرية لم تفهمها فهما كاملا إلا بعد أن تقدمت في العمر وصارت أكثر وعيا بدروب الحياة.) مسترجعة الذكريات، رأته رجلا حاول مرارا وتكرارا أن يتزوج من شابات عرفهن طوال حياته وفشل في الاقتران بهن لأنه بشكل أو آخر كان قد اكتسب سمعة غامضة بأنه ممل ... شابا، لو أنه كان قد ترك وشأنه، ما كان ليتقرب أبدا من أي امرأة، ولذهب إلى قبره أعزب بتولا كما جاء إلى الدنيا.

وأدركت الآن أنه لم يحبها قط ولو بأدنى قدر. تزوجها فقط لأنه لم يسلم من الآخرين، الأحياء وكذلك الأموات، الذين بدوا على نحو غريب وكأنهم هم أيضا أحياء في منزل عائلة بينتلاند. كان من تزوجوها هم العمة كاسي والآنسة بيفي المسكينة السخيفة والعجوز جون بينتلاند ذو النفوذ وأبناء العمومة وأولئك الأموات المعلقة صورهم في صفوف منمقة في الردهة. لم يكن آنسون سوى أداة في أيديهم؛ وحتى في أكثر اللحظات مرارة كانت تشعر على نحو غريب بالأسف لحاله؛ لأن حياته، هو الآخر، كانت قد دمرت بأكملها.

وهكذا، شيئا فشيئا عبر كل تلك السنوات الطويلة، تحولت أوليفيا ماكونيل الجميلة الخجولة والمجهولة - التي كان والدها سياسيا من مدينة شيكاجو ينتمي إلى الحزب الديمقراطي - إلى هذه المرأة الذاهلة، وأحيانا التعيسة، الدخيلة التي صارت بطريقة غامضة السند الذي يستمد منه الجميع القوة. •••

Página desconocida